انتهى اعتبار عدوى كوفيد 19 جائحة صحية أمس الجمعة، مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن كورونا لم تعد تشكل حالة صحية عالمية طارئة، وذلك بعدما حصدت أرواح نحو 20 مليون إنسان، منذ بداية انتشارها في الصين عام 2019.
تلك التجربة القاسية ألهمت المنظمات الدولية المعنية بالصحة، والعلماء لتركيز جهودهم على توقع الجائحة القادمة، حتى لا يقع البشر في شرك وبائي آخر، يقابلونه غير مستعدين كما حدث في كورونا.
تحذيرات من وباء جديد
في حين كان العالم لا يزال يتعافى من جائحة كورونا، أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن، تصريحه المخيف، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، منتصف يونيو من العام الماضي بشأن توقع وباء جديد.
وقال بايدن في تصريحاته: "احذروا الجائحة الثانية"، مؤكدًا على أن العالم يجب أن يستعد لوباء تال.
ذات الأمر أكد عليه الملياردير الأمريكي، بيل جيتس، الذي تنبأ بكورونا قبل حدوثها، إذ قال قبل شهر من تصريحات بايدن، إن العالم سيشهد جائحة أكثر ضراوة على البشرية من كورونا.
وحدد "جيتس" توقيت حدوثها في العقدين المقبلين، قائلًا إن هناك احتمال بنسبة 50% أن تكون لدينا جائحة أخرى في السنوات العشرين المقبلة.
العالم غير مستعد
مع تلك التحذيرات فإن العالم لا طاقة له لاستقبال أي جائحة صحية جديدة، ويظهر ذلك في تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، نهاية يناير الماضي، الذي نبه فيه على أن العالم غير مستعد لمواجهة الأوبئة المستقبلية بعد.
كما أكد على ضرورة بدء البلدان استعداداتها من الآن لاستقبال أي جائحة جديدة، في ظل ظروف صحية شديدة الخطورة، محذرًا من الكوارث الصحية المرتبطة بالمناخ والطقس.
وقال الأمين العام للاتحاد، جاجان تشاباجين، في بيان له: "ينبغي أن تكون جائحة كوفيد 19 دعوة استيقاظ للمجتمع الدولي للاستعداد الآن للأزمة الصحية المقبلة".
الإنفلونزا.. الجائحة القادمة
تُرجح منظمة الصحة العالمية أن تكون الإنفلونزا الوباء القادم، لذلك تعدها مرضًا يشكل تهديدًا ذا أولوية للمنظمة، وتواصل العمل مع شركائها الدوليين لتعزيز الوقاية منها قبل أن تحدث الكارثة.
وبحسب ما تنقله صحيفة "ديلي ميل" عن خبير الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، دكتور آدم كوتشارسكي، فإن الإنفلونزا يجب أن تكون على رأس قائمة الأوبئة المتوقع حدوثها تاليًا، نظرًا لتسببها في موجات مرضية سابقًا، كما أن لها قدة على التحور، ما قد يؤدي إلى نشر وباء من نوع جديد منها.
"#H5N1 has spread widely in wild birds and poultry for 25 years, but the recent spillover to mammals needs to be monitored closely.
For the moment, WHO assesses the risk to humans as low."-@DrTedros— World Health Organization (WHO) (@WHO) February 8, 2023
يتفق مع هذا الرأي البروفيسور، توماس هاوس، الخبير في علم الأوبئة بجامعة مانشستر إذ يقرر أن الإنفلونزا لديها بالفعل تاريخ قديم من العدوى، وقد تتطور في أي وقت لتصيب البشر، حتى وإن كانت الأوضاع الآن بالنسبة لنا مستقرة ولا مخاوف منها على الإنسان.
مرض مجهول.. توقعات الخبراء
على خلاف التوقعات السابقة، يرى البروفيسور مايكل تيلديسلي، الخبير في الأمراض المعدية بجامعة وارويك، بحسب "ديلي ميل" أنه من الصعب التنبؤ بما قد يتسبب في حدوث الجائحة التالية، إذ يمكن أن يظهر مرض جديد أو متحور لا نعرفه.
ويستشهد على ذلك بتوقع الخبراء في 2009 أن تكون إنفلونزا الخنازير هي الجائحة التي سيقبل عليها البشر، ومع ذلك "تفاجأنا في نهاية 2019 بظهور كورونا، ونعرف ما حصل بعدها".
يتفق معه في هذا الشأن البروفيسور مارك وولهاوس، خبير في وبائيات الأمراض المعدية بجامعة إدنبرة، إذ يقول أن احتمالات الوباء التالي كثيرة، وإذا ما ركزنا مع مرض أو اثنين فإننا بذلك نجازف بهدر طاقة وجهد بالاستعداد لما قد لا يحدث في حين يكون الوباء الحقيقي يتشكل في الظلال.