يبدو أننا لم نعطِ مهارة الاستماع حقها من الاهتمام، ولم ندرك ضرورة اكتسابها، مثلها مثل الخطابة، الكتابة، القراءة وغيرها، علينا الاعتراف بأن مَن يمتلك تلك السمة هو شخص بارع؛ لأننا في كثير من الأحيان قد لا نملك مفاتيح الحلول ولا أسرار الوصول، لكن يكفي حينها أننا استمعنا بدهشة وحماسة، وبفهمٍ وتفهّم أحيانًا أخرى.
إن معاشرة البشر بمختلف أنماطهم وبشتى فروقهم تكشف لك ما غاب عنك وما أنت بحاجة إليه من جهة، وما تملكه وتتقن آلياته من جهةٍ أخرى، ويزداد الأمر إثراءً وأثرًا إذا عاشرت «قادة» لهم باع طويل من الخبرة والدراية، يكون لهم الفضل، بعد الله، في تنوير بصيرتك.
أتذكّر عدم اكتراثي بأهمية تلك السمة بحديثٍ دار بيني وبين أحد القادة، وأتذكّر أيضًا إشادتي واعترافي بأهمية تلك السمة بحديثٍ دار بيني وبين نفس القائد، إننا بطبيعتنا نستنكر ما لم نعتَد عليه، لكن سرعان ما يتحوّل إلى تأييد إذا لمسنا أثره علينا وعلى مَن حولنا بالتأكيد، ومن هذا المنطلق أستطيع القول: إني أدين اليوم له بامتنان كبير.
بعيدًا عن التنظير، دعونا نبسط ماهية الاستماع ونوجزه بما يلي: أن تنصت لمَن أمامك كأنك تنصت لنفسك قاصدًا التلقي وراغبًا في التأثير، فإذا قصدت الأولى وقع الاتصال وإذا رغبت في الثانية تحقق الهدف عندها تنجح في إدارة عملية تواصلك دون حدوث أدنى تشويش، وينجح المتحدث في اختيارك كمستمع جيّد يعي بما يسمع، يركّز بما يُقال، يستجيب لما يُثار، ويتأنّى بإصدار حكمه وقراره.
إن أول ما وقعت عليه عيني أثناء البحث والقراءة «الاستماع.. ثقافة مفقودة» لذا دعونا نُحيِها باكتسابها وتطويرها، ونعوّل على أهمية احترام الطرف الآخر.
@syalaboud