DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
national day
national day
national day

"النباتات الروبوتية".. كيف تعزز جهود استكشاف الفضاء؟

"النباتات الروبوتية".. كيف تعزز جهود استكشاف الفضاء؟
تصور لمحاكاة للحياة على المريخ - رويترز
تصور لمحاكاة للحياة على المريخ - رويترز

في مطلع العقد الماضي، بدأ مهندسو الروبوتات تصنيع نماذج على أشكال حيوانات، غير أن مهندسة وخبيرة الأحياء الإيطالية باربرا مازولاي سارت عكس التيار، وطرحت فكرة ابتكار روبوتات على هيئة نباتات.

ولم تلق الفكرة رواجًا كبيرًا، لأن الروبوتات -حسب تعريفها- ماكينات قادرة على الحركة وأداء المهام، في حين أن النباتات بطبيعتها غير قادرة على الحركة.

طبيعة النباتات

النباتات، على عكس ما يبدو، غير ثابتة في مكانها ولا مملة، فإذا ما نظرت إلى حديقة منسقة، ستطالعك مشاهد الخضرة والزهور الملونة ثابتة في مكانه.

ولا تدع المشهد البديع ينسيك أنك تنظر فحسب إلى النصف العلوي من النبات، فجذورها دائمة الحركة، وتضطلع بدورين في غاية الأهمية للحفاظ على استمرارية النباتات، هما تثبيت النبتة وجمع المعلومات وامتصاص الماء والمغذيات من الأرض.

جذور النباتات متحركة وذات أهمية حيوية - مشاع إبداعي

وتعمل جذور النباتات في دأب في حفر مختلف أنواع التربة، وقد استوحت منها مازولاي فكرة ابتكار منظومة روبوتية لخدمة جهود البشر في استكشاف الفضاء.

جذور لمركبة فضائية

تقول مازولاي، التي تخرجت في جامعة بيزا الإيطالية، إن رسو المركبات الفضائية على أسطح الكويكبات لإجراء الأبحاث المختلفة يمثل مشكلة لا تزال دون حل.

وتوضح أنه في معظم رحلات الفضاء تقل الجاذبية، ومن ثم يصبح ثقل المركبة وحده غير كافٍ لتثبيتها، ولذلك فإن العلاج الوحيد المتاح لهذه المشكلة هو تثبيت المركبة على الأرض بواسطة حفارات أو حراب ومسامير ضخمة، وبمرور الوقت تفقد أنظمة التثبيت فعالياتها بسبب تحرك التربة الفضائية وتغيرها الدائم.

الاعتماد على الروبوتات يتنامى مع الوقت - رويترز

وتؤكد مازولاي -في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني "بوبيولار ساينس" المتخصص في الأبحاث العلمية- أن النباتات حلت هذه المشكلة ببراعة منذ مئات الملايين من السنين.

الجذر الروبوتي لنباتات الفضاء

كانت مازولاي قد أجرت، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2008، دراسة لصالح وكالة الفضاء الأوروبية لتصميم أنظمة رسو للمركبات الفضائية، استوحت فكرتها من جذور النباتات.

وشارك في هذه الدراسة عالم النباتات الإيطالي ستيفانو مانكوسو الذي حاز شهرة واسعة بفضل دراساته عن السلوكيات "الذكية" للنباتات.

وتصورت مازولاي أنه عندما تهبط مركبة فضائية على سطح كويكب ما، فإنها سوف تُحدث فجوة أرضية، وأنه من الممكن زرع "بذرة" على عمق كاف داخل هذه الفجوة.

الروبوت الفرنسي بيبر - رويترز

وعلى غرار ما يحدث للنباتات الطبيعية، يبدأ الجذر الروبوتي في شق طريقه داخل التربة الفضائية بعد ضخ كميات من المياه داخل حجيرات صغيرة في الجذر.

وعن طريق الضغط على التربة، يحفر الجذر الروبوتي طريقه داخل الرمال الرقيقة أو التربة الرخوة.

ومن خلال وحدات استشعار خاصة، يستطيع الجذر تحديد طبيعة التربة والتحرك بعيدًا عن الكتل الصخرية الصلبة.

وأكدت مازولاي أن المريخ أنسب كوكب في النظام الشمسي لتجربة مثل هذه المنظومة نظرًا إلى انخفاض الجاذبية على سطحه بالإضافة إلى الطبيعة الرملية لسطح الكوكب الأحمر، مما يسهّل الحفر مع الحفاظ على تماسك جزيئات التربة، ما يحسن من فرص تثبيت المركبة على السطح.

فكرة "مستقبلية أكثر مما ينبغي"

تقر مازولاي أن وكالة الفضاء الأوروبية لم تتحمس آنذاك للفكرة باعتبارها "مستقبلية للغاية" وتتطلب "تقنيات لم تكن موجودة آنذاك، وفي الحقيقة ما زالت موجودة حتى يومنا هذا".

روبوت يعمل على سطح كوكب المريخ - رويترز

وبعد انتقالها إلى المعهد الإيطالي للتكنولوجيا عام 2012، نجحت مازولاي في إقناع المفوضية الأوروبية بتبنّي مشروع يجري تنفيذه على مدار ثلاث سنوات، لابتكار روبوت مستوحَى من النباتات أطلقت عليه اسم "بلانتويد".

وتدور الفكرة عن صناعة روبوت يتكون من أجزاء منفصلة ودون شكل مُحدّد سلفًا ويمكنه تنظيم نفسه واتّخاذ القرارات بشأن اتجاهات الحركة بناء على قرارات جماعية من جميع الأجزاء المستقلة التي يتكون منها.

الروبوتات النباتية

أدخلت مازولاي تعديلات على طريقة نمو الروبوت النباتي الجديد تختلف عن الفكرة السابقة، إذ اعتمدت هذه المرة على أسلاك بلاستيكية حول اسطوانة مثبتة داخل الغصن المركزي للروبوت، وتتحرك بواسطة محرك كهربائي صغير.

وعند طرف الذراع، يوجد محرك آخر يدفع الأسلاك في فجوة داخل التربة الأرضية بعد تسخينها بواسطة وحدة مقاومة.

وتتحرك الأسلاك داخل الأرض وهي في حالة السخونة، وعندما تبرد هذه الأسلاك، فإنها تتصلّب وتصبح أكثر تماسكًا وقدرة على التشبث بالتربة الأرضية.

تطبيقات واسعة وتقدم علمي

بحسب تصريحاتها لموقع "بوبيولار ساينس"، ترى مازولاي أن الروبوت "بلانتويد" ربما يؤدي إلى ابتكار وحدات استكشاف روبوتية يمكنها العمل في البيئات المظلمة مثل الكهوف والآبار.

وتؤكد أن المشروع أثار اهتمامًا كبيرًا بين أوساط خبراء الروبوتات في العالم لأنه يتغلب على كثير من التحديات ويحقق عناصر مختلفة مثل النمو الذاتي وتغيير الشكل والذكاء الجمعي لمكونات الروبوت.

وبيَّنت التطبيقات الواسعة لهذه الفكرة مثل دراسات البيئة وقياسات السموم في التربة والتنقيب عن المياه والنفط والغاز الطبيعي، فضلًا عن إمكانية تطويع الفكرة واستخدامها في مجال الأبحاث الطبية.