طرح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مؤسس شركة "تسلا"، فكرة لحل مشكلة الازدحام المروري في أمريكا والعالم، متخيلا أن العالم كله يمكن أن يتحول لبناء أنفاق فائقة السرعة تسير فيها السيارات لحل المشكلة من جذورها. وردًا على ذلك، يرى مختصون إن الفكرة رائعة لكنها غير مجدية اقتصادياً، وذلك لأن سير السيارات في الأنفاق أمر باهظ في كل شيء، بسبب نقص المساحة وارتفاع التكاليف.
واعتبر أحد الخبراء إن اختراع الأنفاق الذي قدمته شركة "تسلا" يشكل "بديلاً وهمياً" لحل مشكلة المرور، مشيراً إلى أنه إذا كان ابتكرها لصالح مترو الأنفاق، فستكون الفكرة أفضل، وفق ما ذكرت شبكة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية. كما استعان ماسك لطرح فكرته بشركة "ذا بورينج كامبوني" لجعل النقل العام أرخص.
وقد يكون سعي ماسك الذي استمر لسنوات لحل حركة المرور عن طريق نقل السيارات تحت الأرض حلمًا بعيد المنال، ولكن قد يكون هناك شيء واحد جيد يمكن الخروج به، وهو إمكانية مناقشة عمل أنفاق رخيصة.
حول ذلك قال، دانيال نولز، الكاتب في مجلة الإيكونوميست ومؤلف كتاب "كارماجيدون: كيف تجعل السيارات الحياة أسوأ وماذا نفعل حيال ذلك؟".
ويتحدث الكتاب عن كيفية مساهمة السيارات في أزمات الصحة العامة وتغذية أزمة المناخ، والذي صدر في مارس.
وذكر نولز، أن ماسك يمكنه أن يقلل بشكل جيد من تكلفة حفر الأنفاق لتكون موجهة لصالح مترو الأنفاق وليس السيارات، وذلك بالبحث عن طرق لخفض التكلفة وخفض المليارات التي يتم إنفاقها على أنفاق مترو الأنفاق في العالم.
وأضاف نولز، بإن المشكلة تكمن في أن ماسك غير مهتم بذلك.
بدلاً من ذلك، يمتلك المدير التنفيذي والملياردير رؤيته الخاصة لتحسين النقل، وهو متمسك بفكرة أنفاق السيارات.
وتتمثل فكرة ماسك، لحل حركة المرور بتسيير المركبات تحت الأرض عبر أنفاق أو بناء نفق فائق السرعة "هايبرلوب".
ومع ذلك، فإن مشروع النقل الطموح الذي يتضمن نقل الأشخاص دون توقف عبر مسافات طويلة في أنابيب عالية السرعة لم ينجح بعد.
وقال نولز: "إن ماسك صاحب شركة سيارات ويريد بيع السيارات، ويعيش بفكرة حول السيارات فقط".
تابع نولز "أعتقد أنه مغرم بالسيارات مثل أي شخص آخر" ، مشيرًا إلى أحد الفرضيات الرئيسية في كتابه، وهو أن أمريكا والعالم مدمنون على ثقافة السيارات.
وخلال شهر مارس الماضي، أصبحت شركة ماسك "ذا بورينج كامبوني" مكرسة لطرح فكرة سير السيارات تحت الأرض، مروجة للأنفاق لحل جميع المشكلات التي تنتجها السيارات، من الضوضاء والتلوث والاختناقات المرورية التي لا تنتهي أبدًا.
وكان ماسك صريحًا في أن خيارات النقل العام التقليدية، مثل قطارات الأنفاق، لن تكون جزءًا من رؤيته، حتى أنه وصف ذات مرة خبير نقل العام بأنه أحمق.
وقال ماسك في حدث في لونج بيتش بكاليفورنيا، عن "تسلا" في عام 2017، بينما كان يتحدث عن تفضيله لوسائل النقل الفردية: "أعتقد أن النقل العام مؤلم. إنه مقرف".
ويُظهر كتاب نولز كيف أدى نقص الاستثمار في وسائل النقل العام في بعض العالم و الولايات المتحدة إلى عجز في النظام المستخدم اليوم، والذي يتراجع نظرًا لأن المزيد من الناس يختارون السيارات.
وذكر نولز أن هذه الفكرة تتناقض مع أماكن مثل طوكيو في اليابان، حيث يعتبر استخدام السيارات هناك من بين أدنى المعدلات في العالم لأنه، على عكس البلدان الأخرى، فإن امتلاك سيارة في اليابان يعني رسومًا باهظة الثمن، وفي المدن الصاخبة مثل طوكيو، نادرًا ما تكون أماكن وقوف السيارات متاحة. نتيجة لذلك، يتم وضع تخطيط النقل العام في المقدمة.
تابع نولز، بأن الأنفاق التي سيبنيها ماسك ستدعم كلاً من "تسلا" والشركات الأخرى، في محاولة تنفيذ الأنفاق، والتي سيتم تقسيم تطويرها بواسطة العديد من الشركات الناشئة التي تتسابق لإكمال التكنولوجيا المستقبلية.
وغرد ماسك في ديسمبر 2016 ، في اليوم الذي تأسست فيه الشركة: "حركة المرور تقودني إلى الجنون. سأقوم ببناء آلة حفر نفق وأبدأ في الحفر".
وفي عام 2018، كشف ماسك النقاب عن أول نفق لتسلا لإثبات صحة المفهوم تحت شوارع هوثورن ، أحد أحياء لوس أنجلوس.
وقال ماسك في ذلك الوقت إن أدوات الحفر التي طوروها مهندسوها كانت أسرع وأرخص من المثاقب التقليدية.
مع ذلك، لم يكن بعض المهندسين متفائلين بشأن خطط ماسك .
قال هربرت أينشتاين ، خبير الأنفاق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، لمجلة فوربس في عام 2018: "تبدو أجهزته التي تبني الأنفاق عادية جدًا. لم أر منها أي شيء يختلف عما يفعله الآخرون. هذا يبدو وكأنه تطوير للمركبة أكثر من تطوير نفق".
ولكن بعد سنوات، أصبح إثبات المفهوم حقيقة واقعة: في عام 2021 ، افتتحت شركة بورينج أول نفق للسيارات في لاس فيجاس، وهو عبارة عن حلقة طولها 4500 قدم تحت مركز مؤتمرات لاس فيجاس. لكن بعد بضعة أشهر حدث ازدحام مروري في حلقة مركز مؤتمرات لاس فيجاس بعد مؤتمر معرض الإلكترونيات الاستهلاكية.