"الغراب" هذه القهوة المستطيلة الشكل، تشم منها عبق الماضي، كان يقصدها الأدباء والشعراء وشيوخ القبائل والمثقفين والتجار والمزارعين والبحارة والغني والفقير، يتبادلون الأحاديث، يحلون مشاكل مجتمعهم، متسعة قلوبهم لبعضهم البعض.
قهوة الغراب في القطيف
يقول عبد الغني صالح الحداد لـ "اليوم": أنا من أهالي القطيف وعمري 63 عامًا، نشأت وهذه القهوة "قهوة الغراب" متواجدة، فكما يقال إن عمرها يزيد عن 100 عام".
يضيف: أحزنني أن هذه القهوة الشعبية التراثية التي جمعت ذكرياتنا سوف تزال وتودعنا وذلك من أجل تطوير شارع الملك عبد العزيز بالقطيف، ونأمل ألا يكون ذلك لأن هذه القهوة لها ذكريات عظيمة وكبيرة مع أهالي مدينة القطيف وأهالي المحافظة بشكل عام.
ذكر الحداد: هذه القهوة جزء من أهالي القطيف وهي قهوة تراثية، تجمع فيها كبار السن، ويقصدها عددًا من الشباب في هذه الأيام، يتجمع فيها هاذين الجيلين ويتبادلون الأحاديث والروايات الاجتماعية، يتناولون الشاي والقهوة، وهم يستنشقون عبق الماضي كلما نظروا إلى هذه القهوة التراثية القديمة التي تذكر الجيل الحالي بالجيل السابق، فهي شريط من الذكريات، الممتد والمتصل بين الماضي والحاضر، ولكن للأسف أن هذا التراث سوف يتم إزالته لتوسعة الطريق القادم من شمال مدينة القطيف مخترقًا وسطها وواصلاً إلى جنوب المدينة، ونأمل أن ينحرف عن هذه القهوة ليبقى هذا المبنى شامخًا.
قهوة الغراب التراثية في الشرقية
عبد رب الرسول اليوسف، يؤكد هو الآخر أن هذه القهوة هي "مقهى شعبي" كانت تتواجد في موقع غير هذا في السابق، وانتقلت إلى هذا المكان مذ حوالي 50 عامًا تقريبًا، وكانت ملتقى يجمع متعددي الفكر من الأدباء والمفكرين والشعراء، والمزارعين، والفقير والغني، والتجار بأصنافهم وتعددهم، والبحارة.
أكمل: كان يقصدها تجار اللؤلؤ في ذلك الوقت أيضًا في كثير من الأوقات، فهي تعتبر عبق الماضي، وفيها نتذكر الأجيال الماضية وتاريخهم الجميل، ونشم منها رائحة الماضي، وأصبحت اليوم ملتقى للمتقاعدين من العمال والموظفين، الذين يتبادلون أطراف الحديث عن المجتمع، ويتسلى الجميع بوجودهم فيها، لا يملون ولا يستغنون عن بعضهم البعض.
قهاوي السعودية التراثية
أما مهدي المياد، يقول إن "القهوة اليوم هي بجزئين في الداخل والخارج، ففي الداخل بشكلها المستطيل تضم جلسات شعبية، والتي تمتلئ بروادها في بعض الأوقات، كما يقصد الكثيرين من الناس الجلسات الخارجية التي تلاصق مبنى القهوة من الجهة الغربية المطل على شارع الملك عبد العزيز، وهم ينظرون إلى المركبات وغروب الشمس.
وأشار المياد، إلى أن القهوة يتواجد فيها الشاي والماء والقهوة والمرطبات، وكل قاصد له مقصده ورغبته، وفي كل يوم يأتي لها روادها الذين لا يستغنون عن التواجد فيها، يقضون بعضا من الوقت ويستريحون فيها، يلقون بهمومهم بين جدران هذه القهوة، التي تحفظ سرهم، ولكن قد تودعنا عما قريب هذه القهوة، والذي نأمل ألا يكون ذلك.