أكد مختصون أن مشروع تحديد وفك شفرات الجينوم البشري يهدف إلى تقليص حدوث الأمراض الوراثية وغير الوراثية ومعرفة مسبباتها والحد من التزاوج عالي الخطورة بين المجتمعات.
علاجات أكثر فاعلية
وأوضحوا في حديثهم لـ"اليوم"، أن تحديد شفرات الجينوم البشري يساهم في تحديد العلاجات النافعة للأشخاص واستحداث علاجات أكثر فاعلية لجميع الأمراض مثل علاجات السكري، إضافة إلى محاربة مسببات الأمراض مثل الجراثيم طبيعيًا عن طريق أنواع أخرى معدلة وراثيًا مثل الفيروسات لمحاربة الباكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أو استخدام البكتيريا لتدمير الفايروسات أثناء الجوائح.
وقالت استشارية الأمراض الوراثية من جامعة باريس والأستاذ المساعد بجامعة جدة د. ود سمير مجدلي، إن المتغيرات الوراثية ليست دائمًا مسببة للأمراض فبعضها حميدة، وبعضها الآخر مسبب للأمراض أو مسبب لاحتمالية حدوث أمراض أخرى.
وأضافت: "مؤخرا يتجه الباحثون لفك الخريطة الوراثية البشرية، وذلك لإكمال خريطة وراثية بشرية مرجعية التي من شأنها إثراء فهمنا لعلم الجينوم بدقة أعلى وشمولية أكبر، وسينتج عن ذلك اكتشاف المزيد من الأمراض الوراثية ومعرفة مسبباتها سواء من طفرات في الجينات أو من التباين الهيكلي في الكروموسومات وبالتالي توفير خدمة أفضل للمرضى وإتاحة الكشف البكر للأمراض الوراثية ومعرفة احتمالية حدوث الأمراض لديهم والمساهمة في الوقاية منها".
وأوضحت "مجدلي"، أن مجال الجينوم يشهد تطورًا سريعًا وملحوظًا، واكتشاف الأمراض الوراثية، وذلك لتطور التقنيات والأجهزة المستخدمة لقراءة الجينوم والجهود البحثية في هذا المجال وبالفعل المتغيرات الوراثية بين أي شخصين مختلفين يقدر بـ 1% وينتج عن ذلك اختلافاتنا البشرية في صفاتنا وأشكالنا".
تطور علم الجينوم
وقال استشاري الجينات الطبية والسرطانية د. هاني محمد الأفغاني: "بدأ العلماء بمشروع إنشاء خريطة الجينوم البشري، والتي كانت من الحمض النووي DNA لشخص واحد كمرجع لجميع تحاليل الخرائط البشرية المتتالية، ولكن من وجهة نظري المبني على معتقدات العلماء الضالعين في مجال علم الوراثة مرجعية شخص واحد غير كافية حقيقة".
وأكمل: "رغم من التطور والتسارع الرهيبيّن في أبحاث فك شفرات الجينوم البشري فلم يتوصل العلماء سوى لنسبة 1% فقط كشفرات وظيفية منتجة للبروتينات بينما نسبة 99% ليست شفرات وظيفية فعلم الوراثة ما زال يجهل مدى تدخل هذا الجزء المجهول في التحكم في حياة الإنسان سواء الطبيعية أو المرضية، وواصل العلماء أبحاثهم لفك شفرات الجينوم البشري".
وأوضح الأفغاني: "تم مؤخرا نشر بحث في مجلة نيتشر أجري على 47 شخصًا من عدة أعراق مختلفة والذى أدى إلى 94 سلسلة جينية لكل جزء من الكروموسومات، لتحديد مدي التطابق الجيني بين البشر فيما يعرف بمصطلح البانجينوم وهو تحديد جميع الجينات الموجودة في جينوم الكائن الحي في المجتمع المتعدد (في العالم) والذي أسفر عن إضافة 119 مليون شفرة جينية جديدة لم تكن موجودة في الخريطة السابقة لعام".
وأضاف الأفغاني: "مشروع تحديد وفك شفرات الجينوم البشري يهدف إلى تقليص حدوث الأمراض جميعها الوراثية وغير الوراثية فبتحديد الشفرات البنائية الطبيعية للجينوم يمكن الأطباء من معرفة مسببات الأمراض الوراثية وبالتالي الحد من التزاوج عالي الخطورة بين المجتمعات ذات أنماط وراثية وطفرات ممرضة مما يقلص حدوثها عالميا، أيضا يمكن العلماء بتحديد قابلية الأشخاص لاستقطاب أمراض جرثومية معينة، وبتحديد هذه الشفرات يمكن هندسة الخلايا المناعية في الشر لمحاربة هذه الجراثيم طبيعيًا".
وعلى مستوى الأدوية؛ فقال "الأفغاني" إن تحديد شفرات الجينوم البشري يمكن العلماء من تحديد العلاجات النافعة للأشخاص بحد ذاتهم وتحديد الجرعات الخاصة بهم واستحداث علاجات أكثر فاعلية لجميع الأمراض، حيث وجد العلماء أن بعض العلاجات مثل علاجات السكري لم تكن مناسبة لجميع المرضى بل لفئة معينة فقط أضف إلى ذلك نسب الجرعات الفاعلة كانت متفاوتة بين الأشخاص من نفس الفئة وذلك راجع إلى التغير البنائي لشفرات الجينوم لديهم، وبالتالي انتقاء العلاج الأمثل للشخص الأمثل عبر التحليل الجيني".
وأشار إلى أن فوائد علم البانجينوم هو زيادة محاربة مسببات الأمراض مثل الجراثيم طبيعيا عن طريق أنواع أخرى معدلة وراثياً مثل الفيروسات لمحاربة الباكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، أو استخدام الباكتيريا لتدمير الفيروسات أثناء الجوائح.
توسيع الجينوم البشري
وقالت استشارية علم أمراض الدم بمستشفى الملك فهد الجامعي د. حنان الدعيلج: "شكّل الجينوم المرجعي البشري العمود الفقري لعلم الجينوم البشري منذ إطلاق مسودة أولية له منذ أكثر من 20 عامًا، ومؤخرا، قدم اتحاد مرجع الجينوم البشري إصداره الأول من المسودة الأولى لمرجع الجينوم البشري يحتوي على 47 مجموعة ثنائية الصبغيات من مجموعة أفراد متنوعين جينيًا، حيث تغطي هذه التجميعات أكثر من 99٪ من التسلسل المتوقع في كل جينوم وهي أكثر من 99٪ دقيقة على المستويات الهيكلية الأساسية، وتمثل هذه الجينومات مجموعة فرعية من الإصدار المخطط له، والتي تهدف إلى التقاط التنوع الجيني العالمي بشكل أفضل عبر 700 نمط من 350 فردًا.
وأضافت الدعيلج: "يهدف اتحاد مرجع الجينوم البشري على المدى القريب إلى توسيع الجينوم البشري إلى مجموعة متنوعة من 350 فردًا والتي يجب أن تلتقط المتغيرات الأكثر شيوعًا لتمثيل الجينوم بأكمله بشكل صحيح في جميع الأفراد تقريبًا، مما يعطي تمثيلًا أكثر شمولاً لجميع أنواع الاختلاف البشري، كما تسعى إلى توسيع الجهود لتعيين مشاركين جدد لتحسين تمثيل التنوع الجيني البشري وإعداد خريطة مرجعية بشرية أكثر ثراءً لتحسين فهم علم الجينوم والقدرة على التنبؤ بالأمراض وتشخيصها وعلاجها".
من جهته، قال وكيل وزارة الصحة المساعد للصحة الوقائية استشاري الأمراض المعدية د. عبدالله عسيري : التوسع الكبير في فك الجينوم البشري يساعد على فهم اوسع لمسببات الامراض و عوامل الخطورة و التداخلات العلاجية والوقائية المستقبلية، مشيراً إلى أنه تم نشر تحديث ضخم للجينوم البشري في عام ٢٠٠٠ حيث نشرت أول خريطة جينية بشرية متكاملة مبنية على عينة من متبرع أبيض في نيويورك ٩٩.٩٪ في الجينوم البشري متطابق و الفرق هو في ٠.١٪ لكن بإضافة عينات من ٤٩ متبرعا من أعراق مختلفة، أضيفت ١١٩ مليون شفرة جينية .