حول القمة الثانية والثلاثين التي ستُعقد على أرض المملكة العربية السعودية، سألني أكثر من صحفي في بعض المنصات الإعلامية أسئلة كثيرة حول هذه القمة، لكن السؤال الذي استوقفني أكثر من غيره، سؤال أحدهم: هل ستكون هذه القمة قمة المصالحة العربية السورية وعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وتطبيع أغلب الدول العربية لعلاقاتها مع الجمهورية العربية السورية، أم ستكون هذه القمة المهمة قمة لحل المعضلة الناشئة في السودان، وبين السودانيين الذين يبدو أنهم استدرجوا، كما يرى البعض، لبداية صراع أهلي سوداني لا يعلم إلا الله «سبحانه وتعالى» كيف ستكون نهايته.
من خبرتي المتواضعة في متابعة القمم العربية، أعتقد أن هذه القمة ستكون متميزة لعدة أسباب، ومن أبرز تلك الأسباب ما يلي: أولًا ميزة المكان والزمان والدولة الراعية لأعمال القمة، وهذا يعني أن هذه القمة أول ما يميّزها أنها تُعقد على أرض المملكة العربية السعودية، وتحت رعاية وتوجيه قيادتها المباركة، والكل يعلم أهمية الأدوار السياسية والإستراتيجية التي تلعبها المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة المهمة من عمر المنطقة، والعالم.
ومن حيث الزمان، فهذه المرحلة التاريخية تشهد تطورات دراماتيكية اقتصادية وجيوسياسية على مستوى الأقطاب الدولية، وعلى مستوى الفواعل الإقليمية، والمعروف أن المملكة قادرة بسياستها المتعددة الأذرع على التواصل والتأثير في كثير من مواقف الدول الشقيقة والصديقة.
ثم هناك المناخ السياسي الإقليمي المتبدل، والذي يميل إلى أجواء التفاهم، والتصالح، والتقارب من أجل حل المشاكل بطرق محببة للجميع يغيب عنها طابع العنف، والقوة، والتنافي.
وفيما يخص الشأن السوري والسوداني ودور هذه القمة في مقاربة الأمرين في الدائرة الأولى، من المعتقد أن هذه القمة ستوفر مناخًا أفضل لتقارب عربي، خاصة بين سوريا والدول التي قاطعتها على مدى السنوات الماضية، والأهم من ذلك أن حضور سوريا الرسمي لهذه القمة سيكون فرصة لتأكيد المضامين التي قامت العودة على أساسها، وهي الحلول السياسية للوضع في سوريا، وإخراج سوريا من حالة العزلة التي تترتب عليها أضرار للسوريين وللجوار، وينذر بتقسيمها.
وفيما يخص السودان، من المعتقد أن هذه القمة ستوفر حالة أكثر جدية للبحث عن حل للصراع الناشئ هناك، وهي فرصة لحث الأطراف السودانية في المقام الأول على توسيع رؤيتهم للأخطار التي تحيط بالمنطقة وبالسودان على نحو خاص، والتي قد تشكل منزلقًا غير محمود لحالة من الفوضى هناك.
ملفات أخرى كثيرة تنتظر التعاطي معها من القمة، نسأل الله العون لكل القائمين عليها.
@salemalyami