يوافق يوم (22) من شهر مايو الحالي (اليوم الدولي للتنوع البيولوجي) ويُقصد به التنوع الحيوي، ويشمل جميع الأحياء في نظام بيئي واحد كالإنسان والحيوان والنبات.
ودعونا ننظر إلى بعض الأرقام حتى نرى عظمة الخالق «سبحانه وتعالى» في هذا التنوع الهائل من المخلوقات على سطح الأرض وباطنها، والتي نحن نعيش عليها. فبحسب (بي بي سي/ نيك فليمنغ/ 3 ديسمبر/ 2014): تقدّر أنواع الكائنات الحية المعروفة اليوم (1.2) مليون نوع، ويتم سنويًّا اكتشاف ما بين (15) إلى (20) ألف نوع!
ومن هنا نقول إننا لو تأملنا ذلك، فإنه بعد عدة سنوات سيتضاعف عدد الكائنات الحية التي نعرف، وهذا أمر يدعو إلى الدهشة، فمع كل أدوات التقنية التي نملك، ومع الكم الهائل من المعرفة والمعلومات التي لدينا ما زلنا نجهل الكثير عن كائنات تعيش معنا. بل نحن نحاول غزو الفضاء والقمر والمريخ، والبيت الذي نعيش عليه، ما زلنا لا نعرف عدد ساكنيه من الكائنات الحية التي تشاركنا التربة والماء والهواء. وهذا أيضًا يدعوني إلى الاستغراب؛ حيث إننا كبشر سوف نتسبب في انقراض كائنات حية لم نعرفها بعد؛ بسبب التلوث الذي نحدثه في هذه البيئة، والتي يشاركنا فيها ملايين الكائنات الحية. هذه الكائنات تعيش في تناغم مع الطبيعة إلى أن جاء الإنسان الحديث، وبعد عصر النهضة الصناعية (بداية القرن التاسع عشر الميلادي) فاستطاع في أقل من قرنين أن يدمر ما حوله بسبب سوء استخدام الموارد الطبيعية، وبسبب نهمه الطاغي في الاستهلاك، وعدم مراعاة البيئة التي يعيش فيها. ولكم أن تتخيّلوا حجم الخراب والدمار الذي سوف يحدث للأرض خلال المائة سنة القادمة. وهذا هو الذي حذر منه الكثير من العلماء منذ القرن الماضي، واليوم نرى بعض علاماته من تغيير للمناخ في بعض المناطق، وذوبان للجليد، وفيضانات، وتقلص لمساحات الغابات، وثقب الأوزون، والاحتباس الحراري، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وتلوث الأنهار والبحيرات، والقائمة طويلة لأنها نتيجة لأفعال غير مسؤولة من فئة من الناس، وبعض الدول، وذلك بما كسبت أيديهم من استغلال غير مبرر ونهم للموارد الطبيعية. ونتيجة لذلك يوجد مليون نوع من الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض كما هو مذكور على موقع الأمم المتحدة.
وعودًا إلى اليوم العالمي، فيأتي الشعار لهذه السنة (2033م): «من الاتفاق إلى العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي». والمؤثرات على هذا التنوع كثيرة منها التلوث والتصحر، والصيد الجائر، الاستهلاك المفرط للمنتجات بأنواعها الطبيعية والصناعية، وقطع الأشجار العشوائي والعبثي وإزالة الغابات وغيرها.
ولكن على جانب آخر، وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجل الأجيال القادمة! كان هناك مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لعام (2022م) والذي من مخرجاته إطار كونمينغ- مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، وكما جاء على موقع الأمم المتحدة أنه: «ومن بين أهداف ذلك الإطار: استعادة (30٪) من النظم البيئية، وتقليل هدر الطعام بمقدار النصف، واستثمار (200) مليار دولار على الأقل سنويا في الخطط العامة الشاملة التي تفيد التنوع البيولوجي. وبالتالي تحقيق كل تلك الأهداف بحلول عام 2030».
ولعل السؤال المهم هو ما دوري ودورك في هذه المعركة الكبيرة؟ والجواب: أن نهتم بالمحيط الذي نحن فيه، والبيئة التي نعيش فيها، وأن نحافظ عليها من العبث، وكذلك استخدام الأدوات والأجهزة والمعدات ذات الكفاءة العالية، والاهتمام بإعادة التدوير للمواد المستخدمة بأنواعها، فكل ذلك يساهم في تقليل الأضرار، ويساعد في حل هذه المعضلة. فأي عمل صغير يقوم به الفرد يصبح كمجموعة عمل كبيرًا ومنقذًا، وكما قيل: لا تحقرنّ صغيرة، إن الجبال من الحصى.
@abdullaghannam