أصبح الظهور الإعلامي للمسؤول جزءًا مهمًا في صناعة الإعلام الجديد وبرامج الاتصال والعلاقات العامة وبناء الصورة، حيث لم تعُد الحوارات التليفزيونية «التنظيرية» واللقاءات الفضائية «الرتيبة» التي لا تتضمن أية بيانات واقعيّة مشفوعة بأرقام وإحصاءات ومؤشرات أداء ونسب إنجاز، تشكّل جزءًا من أي نظريّة إعلاميّة، بل تكسر قواعد الصناعة الإعلاميّة ورسالتها وتقضي عليها.
ولا شك في أن أهمية وقوة الظهور الإعلامي للمسؤول وتأثيره، تُولد من نواحي امتلاكه أدواته من حيث المعلومات ودقة المتابعة والرقابة على منجزات الخطط وبرامج العمل ومؤشرات الأداء، وكذلك عرض الأطروحات والبيانات برؤية وعمق وشفافية، وفقًا لمُستهدفات رؤيتنا الوطنية 2030، بالإضافة إلى امتلاك ناصية الحوار بالشخصية الحاضرة والمتفاعلة والمتواضعة فضلًا عن الإعلاء والتقدير لشأن الوطن والمواطن والابتعاد عن إبراز الذات.
في هذا السياق، لفت نظري قبل أيام حوار تليفزيوني «نموذجي» تنطبق عليه كثير من معايير ما ذكرت، مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر، محافظ الأحساء، استعرض خلاله المشاريع التنموية المُستدامة والممكنات الاستثمارية والاقتصادية بالمحافظة، والتي تجعل منها واحدة من أهم المحركات الاقتصادية السعودية في زيادة المحتوى المحلي غير النفطي، وتنويع المنظومة الاقتصادية الوطنية، ومنها المساحة الكبيرة للأحساء التي تُشكل 66% من إجمالي مساحة المنطقة الشرقية.
وقد كشف سموه في برنامج «بموضوعية» الذي بثته قناة CNBC عربية، أن ما يميّز موقع الأحساء الإستراتيجي، هو ما يعطيها ميزة تنافسية في استقطاب المشاريع المحلية والخليجية، فضلًا عن إمكانية وصول 23 مليون نسمة من سكان الخليج للأحساء، مبينًا بدقة وموضوعية أن الأثر الاقتصادي لمشاريع المحافظة منذ منتصف عام 2022 وحتى اليوم، بلغ 2.7 مليار ريال؛ وهي موزّعة بين مشاريع حديثة، وأخرى متعثرة تم تصحيح مسارها.
ولعل من المثير مما طرحه سمو الأمير خلال الحوار، الانتهاء من تحديد ثلاث مناطق لوجستية؛ إحداها واقع شرق الدول الخليجية المجاورة، واثنتان موزعتان على جنوب وغرب الأحساء، وهو ما سيسهم في تحقيق مستهدفات برنامج «تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)»، وكذلك وضع خارطة طريق مع وزارة الاستثمار، لجذب الاستثمارات بما فيها الخليجية فضلًا عن طرح «محفّزات استثمارية» لقطاعات ومنتجات محليّة، وهو ما سيرفع من التوجهات الاستثمارية للمحافظة.
وعطفًا على خلاصات الحوار وتحليله من زاوية إعلاميّة مهنيّة، فهو إيجابي وثري ومفيد، سواء من حيث محتواه ورسالته ووضوح الرؤية والمسار أو طبيعة لغته ونوعية محاوره، وكذلك ما كشفه من أرقام وبيانات جديدة كليًّا، فضلًا عما تضمنه من شفافية وتواضع وروح تشاركية، وقبل كل ذلك مبشرات كبيرة ستحجز للأحساء قريبًا جدًا مقعدًا رئيسًا في مقدمة الصفوف التنمويّة الوطنية.
[email protected]