منذ فجر التاريخ يحظى المتحدثون اللبقون الجذابون، والغوغائيون المتحذلقون بإنصات الكثيرين باهتمام لهم؛ لذا فهناك احتمال أن يكون تجاوب الناس عندما يُوجه الحديث إليهم بثقة، وتعاطف، وحماس أكثر كثيرا من تجاوبهم في حالة سماعهم لصوت يبدو غير مهتم أو فظا أو حتى واقعيا- على الرغم من أن مؤيدي الحديث الصعب والمباشر قد يرون أن هذا ليس أكثر من حقيقة بديهية.
كاريزمية الروبوت
أيا كان الأمر، ليس من الغريب أن بعض هذه الديناميكيات يتسرب إلى التفاعلات بين الإنسان الآلي (الروبوت) والناس.
وكلما بدا جهاز الذكاء الاصطناعي أو الروبوت أكثر" بشرية" و"كاريزمية" كلما كان من يتعاملون معه أكثر تجاوبا معه.
وقال كيرستن فيشر الأستاذ بجامعة جنوب الدنمارك، "كان لدينا روبوت يوجه فرقا من الطلاب في مهمة ابتكارية".
وكان يستخدم إما نبرة صوت تتسم بالثقة والعاطفية أو نبرة صوت عادية وواقعية".
وأضاف "فيشر" وهو عضو في فريق باحثين نشروا نتائجهم الشهر الماضي في دورية "الحدود في الاتصال"، وجدنا أنه عندما تحدث الروبوت بأسلوب حديث كاريزمي، كانت أفكار الطلاب أكثر أصالة وأكثر تفصيلا".
وفي نفس الوقت تقريبا، قام أكاديميون من جامعة كاليفورنيا "دافيس" بنشر تجارب أوضحت أن الأشخاص يتحدثون بصوت أعلى وأبطأ، مع تفاوت أقل في طبقة الصوت"، عند التحدث مع أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل أليسكا وسيري بالمقارنة بالكيفية التي يتحدثون بها مع غيرهم من البشر.
الروبوتات تنفذ الحيل البشرية
قالت جورجيا زيلو مع زميلتها ميشيل كون وهما من جامعة كاليفورنيا (دافيس) واللتان قدمتا النتائج في مؤتمر عقدته الجمعية الصوتية الأمريكية الشهر الماضي، إن هذه التغيرات مماثلة للتغيرات في الصوت عندما يتكلم المتحدثون في وجود ضوضاء، كما هو الحال في مطعم مزدحم على سبيل المثال.
ووجدتا زيلو وكون، أن الأشخاص لا يغيرون فقط كيفية تحدثهم عند التعامل مع الروبوتات، لكن هناك احتمال أقل في أن يفهموا بدقة بدورهم إذا كان الروبوت يبدو أقل من البشر في التعامل.
وعلى أية حال كلما كان الحديث أقرب إلى حديث البشر كلما كان مفهوما بدرجة أفضل، ومع ذلك من الممكن أن يكون هناك جانب سلبي، وفقا لبحث نشر مؤخرا- من جوناس إيفارسون وأوسكار ليندول من جامعة جوتينبرج- أشار إلى أنه "مع اقتراب الذكاء الاصطناعي لأن يصبح واقعيا بصورة متزايدة، قد تتأثر ثقتنا بمن نتواصل معهم".
وقالتا إن جودة الصوت والتفاعل يكونان أحيانا في حالة جيدة للغاية لدرجة أنه لا يعد من الممكن التفرقة بين الجهاز الاصطناعي والأشخاص الحقيقيين"، مما يعني أن" التمييز بين ما إذا كان الشريك الذي يتم التفاعل معه إنسانًا أم جهازًا اصطناعيًا لم يعد مجرد مسألة نظرية ولكن مشكلة عملية يواجهها المجتمع".
كمثال على أحد تداعيات هذا الأمر، ذكرت الشرطة في الصين في 22 مايو الماضي أن محتالا سلب أكثر من 600 ألف دولار من رجل باستخدامه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العميقة بتقليد صوت صديق للضحية في مكالمة فيديو على تطبيق وي شات على الهاتف.