من مكتب يحتلُّ موقعًا مميَّزًا داخل أرامكو السعودية، ومن على شاشة جدارية مُدمجة وضخمة في مركز تخطيط وتنظيم توريد الزيت (أوسباس)، يمكنك أن تتابع حركة أي قطرة نفط، وكلُّ ذرة غاز تمرّ عبر جميع خطوط الأنابيب، أو معامل المعالجة، وجميع المصافي والمنشآت التي تملكها الشركة. بإمكانك أيضًا أن تشاهد كلّ ناقلة وحمولتها، وأيّ وجهة تتجه.
خلف الشاشات التي تُظهِر تغيّر فيض البيانات مع كل حركة إنتاج، يقف موظفو أرامكو السعودية على رأس مهمة جوهرية تسعى لاستدامة القيمة الأكبر للشركة، وهي تزويد العملاء المحليين والدوليين بأفضل المنتجات الهيدروكربونية في الوقت المحدّد، وبشكلٍ مثالي يُراعي اشتراطات السلامة والمحافظة على البيئة.
مهمة جوهرية
يُعد مركز تخطيط وتنظيم توريد الزيت المزّود بأحدث التقنيات والابتكارات، عنصرًا أساسًا ضمن سلسلة منشآت وإجراءات تحافظ أرامكو السعودية من خلالها على مكانتها وريادتها في مجال أمن الطاقة العالمي عبر تزويد العالم ببرميل من كل ثمانية براميل من النفط الخام المنتج في جميع أنحاء العالم، وبنسبة موثوقية في الإمدادات بلغت 99.7% حسب تقرير الشركة للربع الأول من العام 2023م.
ويمثّل المركز عامل تمكين حيوي لقدرة الشركة على الإنجاز وزيادة السعة المستدامة القصوى من 12 مليون برميل يوميًا في عام 2021م إلى 13 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027م.
يتصل هذا المركز بشبكة مكوّنة من 55 معملًا لفرز الغاز عن النفط، و8 محطات لتركيز النفط الخام، وواحدة من أكثر شبكات المنتجات المكررة تعقيدًا في العالم مع 9 مصافٍ وأكثر من 21 مركز توزيع.
وتضم الشبكة أكثر من 42 مرفأً ورصيفًا للتحميل، بطاقة تصديرية تبلغ نحو 13 مليون برميل يوميًا، وتبلغ طاقتها التخزينية نحو 62 مليون برميل. كما يقوم المركز بجدولة تحميل وإدارة ما متوسطه 300 سفينة شهريًا تأتي إلى محطات الشركة وتغادر في الوقت المحدد محملة بشحنتها الصحيحة.
أيادٍ موهوبة
تتم دراسة الطلبات على منتجات أرامكو السعودية في الأسواق المحلية والعالمية، وبناءً على ذلك يتمّ التخطيط للإنتاج لكل مرفق من مرافق الشركة في جميع أنحاء المملكة، وسواءً كان خلف تلك الشاشة المبهرة في مركز تخطيط وتنظيم توريد الزيت في الظهران، أو الشاشات الصغيرة في المكامن والفرضات أو ناقلات النفط الضخمة، ثمّة بيانات لا ينقطع سيلها، وموظفون مؤهلون يراقبون الشاشات مستخدمين تقنيات رفيعة وأدوات ذكية استثمرت فيها الشركة الجهد والمال، استُحدث بعضها من أفكار علمائها، وصنّعتها أو طوّرتها في معاملها؛ لتحافظ بها على مرونة المنظومة، وتسعى لتحقيق أعلى الإيرادات.
وتسخّر أرامكو السعودية كل هذه التقنيات والعقول الموهوبة لضمان أن كل هذا الكم من المعلومات والبيانات والجداول يعمل وفقًا للخطط المرسومة، لضمان موثوقية إمداد الاقتصادات المحلية والعالمية بالموارد الهيدروكربونية.
المُورِّد الموثوق
تعمل إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت جاهدةً لضمان تنفيذ خططها وجداولها بشكل فاعل لتلبية احتياجات العملاء محليًا ودوليًا، ومتابعة جداول التوريد عن كثب، وإعادة تنظيم التوريد عند الحاجة، ووضع العوامل التي قد تستوجب تعديل الخطط موضع الاعتبار لضمان السلامة، والضوابط المطبقة في المرافق.
وصُممّت خطة التوريد المطوّرة لتكون محصّنة ضد التقلبات في الطلب أو حتى العرض، وإيجاد توازن بين العرض والطلب باعتبار أن ذلك مفتاح نجاح وفاعلية خطط التوريد وتنفيذ جداولها.
تمنح البيانات مُخطِّطي إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت، نظرة شاملة لسير الأعمال، كما تنقل لهم أدقّ التفاصيل – دون إغفال أيّ جانب – وتتيح لهم مراقبة شبكة الموارد الهيدروكربونية كاملةً، بما يشمل جميع المنتجات من مختلف المناطق، وباستطاعة الموظفين اكتشاف أيّ عطل في مرافق الشركة، سواءً كان في معملٍ لفرز الغاز من النفط، أم معمل إنتاج، أم مصفاة، أم فرضة توريد. ولا يتطلّب الأمر سوى إجراء اتصال واحد، ليُعاد توجيه الإنتاج، وتقييم خطوط الأنابيب، وتنفيذ عديد من الإجراءات في غضون دقائق.
إمداد لا ينقطع
تُنظّم إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت يوميًا إدارة حركة السفن وتحميلها بالمنتجات الهيدروكربونية من فُرض أرامكو السعودية، وتعمل الإدارة على التأكد من أن السفن التي تصل إلى فرض الشركة تغادر في الوقت المحدّد، محمّلة بالشحنة الصحيحة.
وخلال كل لحظة من اليوم، يتمّ إحكام الجداول الزمنية لمواجهة جميع الاحتمالات، بما تملكه الإدارة من برمجيات وأنظمة لمعرفة السفن القادمة، وموعد وصولها، ومطابقة ذلك بالمخزون، وتحديد المدة التي يستغرقها تحميل الشحنات، وكل ذلك يعني ضمان توفّر المنتجات باستمرار.
التقنيات الذكية
لم تدّخر أرامكو السعودية جهدًا لضمان تبوّء إداراتها ومنشآتها وأعمالها مكانة ريادية، وانعكس هذا الجهد بنحوٍ واضح على المناهج والأساليب التي تتعامل بها إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت في الشركة مع التقنيات التي تدير حركة البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والتحليلات المتقدّمة، والذكاء الاصطناعي، واعتمادها التخطيط والتقييم على المدى البعيد أساسًا في أعمالها لإحكام توازن العرض والطلب، ومقدار ما ينُتج من النفط الخام وغاز البيع، والمنتجات المكررة، فضلًا عن الجهود الحثيثة لسد أيّ عجز، ورسم خارطة توقعات على مدى 20 عامًا، وإعداد نماذج تعرض على الإدارة، وتتحلّى بالمرونة والاستعداد للاستجابة في أيّ لحظة لشتّى الاحتمالات.