أحببت من خلال العنوان وعلامة الاستفهام أن أطرح تساؤلًا، عما إذا كانت هناك إستراتيجية نابعة من الميزة النسبية للمنطقة الشرقية، كعامل جذب سياحي أو تجاري متكامل العناصر قاطب للاستثمار؟. فرغم مباركتنا لمشاريع متعددة تخدم جودة الحياة، إلا أننا ما زلنا نتساءل عن طبيعة التوجه، فليس الأمر بالواضح. فما نشاهد هو نسخ أغلبها مكرر، تمارسها الأمانات بالمنطقة، كبناء استثماري أو كمشاريع للطرح. ورغم أنها مطلوبة وعمل طيّب داعم للمنطقة، إلا أنه أيضًا ما قد يبرّر أيضا ضعف الإقبال من القطاع الخاص دون تلك الأطروحات والمشاريع كعامل محفز جاذب للاستثمار. فوضوح الرؤية مطلوب كما هي تلك الإستراتيجية للمستثمر.
والسياحة بمفهومها هي حلقة متكاملة، تبدأ من الأسباب التي تجعل الزائر يتوجّه هنا أو هناك وحسب حاجته. وقد تكون لغرض تجاري عام كما برعت ونجحت فيه دبي، أو لأسباب سياحة أثرية ومن فنون ثقافية كما امتازت به مصر، أو من استقطاب طبي كما نجده في بريطانيا أو في بعض المراكز الطبية بالولايات المتحدة. فجُل تلك الزيارات هي من أسباب تلك الميزة النسبية، والتي جعلت منها مقطبا ووجهة وعنصر جذب سياحي.
إلا أننا لكي نبدأ يجب أن يكون هناك وضوح في الأهداف، منطلقين من الميزة النسبية، كما في الأمثلة السابقة، ثم نأتي للبناء عليها من برامج متعددة وخطط ومخرجات لتعظيم الاستفادة منها. وكمثال للميزة النسبية للمنطقة، هو تواجد أكبر حقول للنفط والغاز في العالم بها، ومن مشاريع ضخمة للبتروكيماويات وعمليات استخراج النفط والغاز والمعامل الضخمة لتحلية المياه والكهرباء، والتي تميّزها ليس فقط على مستوى الخليج إنما أيضًا بالعالم. إلا أننا بذات الوقت لا نجد لها معارض دولية محلية وقد توقفت غرفة الشرقية منذ سنوات طوال عن مثلها من معارض؛ مما قد يبرر أنها بأسباب غياب تلك الإستراتيجية. وكذلك كمثال آخر كمخرج للميزة النسبية من أهداف، حزمة محفزات لحث شركات الطاقة بأنواعها وخدمات مشاريعها العالمية للتواجد بالمنطقة كعامل جذب استثماري وسياحي وتجاري. وهذه مجرد أمثلة خاضعة للدراسة والتقييم، إلا أنها إحدى الأدوات التي غالبًا في العالم ما تستخدم لاستقطاب المشاريع والشركات.
كما أن للميزة الزراعية دورًا كما هو بالأحساء. فحاليًّا يوجد معرض واحد للتمور بالأحساء، وهو نموذج ناجح بالرغم من قصور بتخصيصه للمستهلك فقط، ومن عدم وجود نسخ أخرى مشابهة. وربما قد نجده مستقبلًا، ومن خلال غرفة الأحساء لتعظيم الميزة النسبية الزراعية للواحة كأحد المخرجات المحتملة. فالموضوع هو تكاملي وحلقة تخدم بعضها الآخر ببرنامج شامل متكامل العناصر.
كما أيضًا من الميزة النسبية للمنطقة هو تواجد الكثير من المواقع الأثرية الموغلة بالقِدَم. فنجد بالمنطقة مواقع أثرية مرتبطة بأولى الحضارات علي كوكب الأرض. كما نجد تلك المواقع مستمرة وفي كافة العصور والأزمنة التاريخية، كالسومرية والفينيقية واليونانية وحتى الإسلامية منها كالعباسية. إلا أنها وبنفس الوقت نجدها دفينة التراب لم توظف للسياحة الأثرية. والسياحة الأثرية بمفهومها العام هي نوع من أنواع السياحة الثقافية، والتي تهدف إلى تعزيز الاهتمام العام بالمواقع التاريخية الأثرية، وتشمل الترويج لزيارة المواقع الأثرية والمتاحف. وغالبا ما توظف الآلاف من خريجي التخصصات الجامعية، سواء الأثرية منها أو السياحية.
إن المنطقة الشرقية لديها عوامل كثيرة جاذبة للاستثمارات، تخدم الجهود القائمة بتوجه الرؤية، ومنها تجاورها مع دول الخليج كلها. فلا شيء يماثلها بمنطقة الخليج، مما يعطيها ميزة نسبية لا تتوافر بغيرها. كما سوف يربط الساحل الشرقي مع هذه الدول في المستقبل قطار سريع يتوسطها؛ مما سيعظم من التبادل التجاري، ويسهل من التنقل البشري ويكثفه. كذلك من تواجد لمراكز الطيران الدولي، كما في مدينة الرياض، هو خادم وعامل مساند للمنطقة الشرقية ليؤمن سهولة الوصول إليها، ويؤهّلها دون أي استثمار إضافي يُذكر.
وأقف في نهاية مقالتي هذه لأقول: إن أهم ميزة نسبية هو في شاباتنا وفي شبابنا، نعوّل عليهم الكثير من قبول التحدي لدفع عجلة التنمية. أما نحن الشيبان، أو حسب ما يقولون، فقد ابيض شعرنا إن وجد. وما نأمله في وطننا هو قمة الأفضل على المستوى العالمي، ولنقف لنبهر العالم بالإنجازات، فالسعودي لا مثيل له هممًا وطاقة.