تظل المياه عصب التنمية، وهي في خلاصتها تعني الحياة والازدهار والاستقرار، ورغم مصادر الموارد الشحيحة في المملكة، إلا أن أنها نجحت في تقديم تجربة عالمية رائدة في التحلية وابتكار الحلول التي توفرها، وتجعل إمدادها مستدامًا، وشاهد ذلك العديد من المشاريع العملاقة على الساحلين الشرقي والغربي، وآخرها تدشين المهندس عبدالرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة، مشروع محطة الجبيل «3 أ» لتحلية المياه المستقل في مدينة الجبيل.
ذلك المشروع من الضخامة بما يجعله من أهم المشاريع العملاقة في تحلية المياه على مستوى العالم، حيث ينتج 600 ألف متر مكعب يوميًا من المياه المحلاة، وتتوافر به أحدث التقنيات الإنتاجية والتشغيلية، وله أهميته على صعيد التنمية في المنطقة والمملكة؛ إذ إن ما يوفره من مياه يسهم في حيوية النهضة التي نعيشها، ويجعلها تمضي نحو غاياتها من خلال بنية تحتية محفزة للاستقرار والتطور.
مثل هذه المشاريع العملاقة تصنع الفارق على المدى البعيد؛ إذ إنها تضيف القيمة التنموية، وتحقق شراكة فعّالة بين القطاعين العام والخاص، غايتها سد الاحتياج للمستفيدين، ورفع إسهام قطاع المياه في تحقيق التنمية المستدامة بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 في المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، الذي يصعد في أعلى مراتب التنمية بمثل هذه المشاريع الضخمة والرائدة.
إحدى أبرز القيم التنموية في هذا المشروع، هي تلك الشراكة المهمة بين القطاعَين العام والخاص في المنطقة الشرقية التي أثمرت أول مشروع لتحلية المياه بينهما في الجبيل من خلال التعاون بين شركة أكوا باور، ومؤسسة الخليج للاستثمار، وشركة البواني للمياه والكهرباء، وهي تجربة ينبغي البناء عليها لتعزيز هذا النوع من الشراكات التي تدفع باتجاه توطين التقنية وتأهيل الموارد البشرية الوطنية، ودعم رأس المال المحلي.
كثير من المكاسب تتحقق من خلال هذا المشروع، سواء من حيث توظيف التقنية الحديثة، أو الشراكة الوطنية، أو الخبرة السعودية، وتحقيق رفاهية المواطنين، أو توفير المياه كمورد مطلوب للاستقرار والتنمية، إلى جانب تقليل الإنفاق والانبعاثات واستخدام الطاقة الشمسية في الإنتاج، وإضافة منشآت مؤثرة للجبيل، وتوظيف عدد مقدَّر من أبناء الوطن؛ ما يضعنا أمام حصيلة من الفوائد التي تمتد وتستمر، وتمضي ببلادنا الغالية إلى أقصى حدود التطور والطموح.