في هذا الوقت من كل عام تحتفل الجامعات والمعاهد والكليات بتخريج دفعات من الطلاب والطالبات، وما أجمل لحظات الاحتفال بالتخرج التي ستصبح من الذكريات الجميلة في قادم الأيام.
إنها فرحة الجميع عندما يشارك أفراد الأسرة، وفي مقدمتهم الوالد والوالدة، الخريجين والخريجات، ومن يحضر احتفالات التخرج يجد هناك عوامل مشتركة بينها تتمثل في إيقاع أصوات الزغاريد النابعة من قلوب الأمهات، مرورًا عبر حناجرهن، حتى يصدح صداها في قاعات ومسارح ومدرجات الاحتفالات، وكذلك مشاهد الدموع التي تنساب على وجوه الخريجين وأفراد أسرهم نتيجة طبيعية لما يختلج في القلب من المشاعر في تلك اللحظات، وكما يقال ليس من رأى كمن سمع، فقد كنت شاهد عيان بحضوري الاحتفال ومشاركة الأخ أبو وليد الفرحة بتخرج الابن محمد.
الكل في تلك الليلة كان سعيدًا بحضور احتفال جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بتخريج الدفعة 44 تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، كلمة شكر لرجال أمن الجامعة لدورهم في التنظيم، فقد تم تخصيص الجهة الشمالية من الاستاد الرياضي للنساء، والجهة الجنوبية للرجال، ما يعني أن يكون الخريجون بين الآباء والأمهات، وكأن لسان حال من كان خلف هذا الترتيب أن يجعل كل خريج يشعر بأنه محلق في تلك الليلة بجناحين، بحضور راعي الحفل الأمير سعود ورئيس الجامعة معالي الدكتور عبدالله الربيش، وأصحاب الفضيلة والمعالي، وهذا ما أكد عليه الخريج الذي ألقى كلمة الخريجين، فقد أبدع في رسم العديد من الصور البلاغية، حين أثنى على والدته، ثم واصل في الثناء على والده، وكل كلمة قالها ذلك الشاب الذي للأسف لا أتذكر اسمه، ولكن اسمه وكلماته ستبقى في ذاكرة الخريجين، لأنها كلمات أو كتلة مشاعر انسكبت على أسطر الورق، تعبر عما بداخل كل خريج في تلك الأمسية، وبعد مغادرة سمو الأمير وضيوف الجامعة من أصحاب الفضيلة والمعالي مقر الحفل، كان هناك مشهد آخر، وكأننا في مسرحية من عدة فصول، فكان نزول الجميع إلى المستطيل الأخضر مشهدًا دراميًا، ينبض بالحب، حيث التحم فيه الآباء والأمهات والإخوة والأخوات مع الخريجين في منظر عائلي، يا لها من لحظات تعجز عن وصفها الكلمات!!
في تلك الليلة نظرت إلى المشهد من زاوية مختلفة، فكما يعيش الخريجون الفرحة ورسموا البهجة على محيا أهاليهم، فهناك شباب قد سلكوا طرق الغواية والتهور، وأشقوا أنفسهم وأهليهم، ففي طريق الشر متعة، وفي طريق النجاح شقاء، ولكن المتعة الوقتية قد تقود إلى شقاء دائم، بينما تعب وسهر الليالي يعقبه النجاح والفلاح، فهل يحسن كل شاب في اختيار الطريق الصحيح؟!