حذرّ إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، من أنه لا تخلو أمة من الأمم من متربص حاسد، أو عدو حاقد، إلى قيام الساعة.
وشدد في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام على ضرورة تماسك المجتمعات واستقرارها، وتلاحُم أفرادِها وأطيافِها، أمام الأزمات والتحديات، والتصدعات والانقسامات.
وأضاف الشيخ السديس: الدعوات المغرضة التي تستهدف المجتمعَات الإسلامية، ليس وراءها إلا هدمها وتفكُّكها وإخلالُ أمنها واستقرارها، والمصطلحات والمفاهيم الشرعية التي يستخدمها بعض هؤلاء لجر المجتمعات إلى الويلات باتت واضحة مكشوفة الأهداف".
وتابع: "تكمن خطورة استهداف الأوطان والمجتمعات على الدين بصرفه عن الاعتدال والوسطية، فخذ حذرك من خطر المستهدف وإن كنت أنت المستهدف فليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس جبل".
وأردف يقول: لا تقف خطورة استهداف الأوطان والمجتمعات على الانحراف في فهم التعاليم الشرعية فحسب؛ بل تتعداها إلى الفكر والتطبيق وهنا يكمن الخطر المحدق بالمجتمع خاصة أمنه وشبابه، فحينما تتعمق الأفكار المتطرفة والمنحلَّة في نفوس هذه الفئام تتحول إلى جرائم تهدد الأوطان وتنذر بخراب الديار، وتجعل منهم وقودا للانحلال والإرهاب".
المخدرات تستهدف الأوطان
وأوضح أن من عجائب الأمور، أن يوجِّه أصحابُ السهامِ المسمومة، سهامهم المشؤومة إلى دُرة الأوطان ومهبط الوحي ومأرز الإيمان، بلاد الحرمين الشريفين، بلاد التوحيد والوحدة والقرآن والسنة، التي جعلها الله مثابة للناس وأمنا وقبلة، فيبثون فيها أفكارهم، وينشرون فيها سمومهم من المخدرات والمؤثرات العقلية".
وأضاف: "لا تزال مادة الشبو ومثيلاتها الخبيثة تشبو، ولاستهداف العقول تنبو وتربو، ولكنها بفضل الله ثم بالوعي والردع ستكبو وتخبو، فالمملكة حرسها الله أعلنت عن الحملة الوطنية والأمنية للحرب على المخدرات ومروجيها، مما يؤكد على الجميع التفاعل والتفعيل لهذه الحملة المباركة، وأطلقت حملة "بالمرصاد".
واستكمل: "ليست هذه المرة الأولى التي تُطلق فيها المملكة حَرْبًا ضروسا ضد المخدرات، بل إنها عمدت على مر السنين على مواجهة هذه الآفة الخطيرة لحماية المجتمع وأبنائه من الاستهداف بتلك المواد السامة التي تفتك بالعقل وتقضي على حياة الإنسان، وواجبنا التعاون مع الجهات الأمنية بالإبلاغ عن مروجي المخدرات ومهربيها".
الاحتيال والابتزاز والاستغلال
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: "يشمل الاستهداف صور الابتزاز والاستغلال، ومنه الاحتيالات المالية عبر المنصات والرسائل الوهمية بدعوى الثراء السريع والتستر التجاري والمساهمات الوهمية واستهداف أموال الناس والاحتيال عليهم، بشتى الوسائل الاعتيادية والرقمية وكذا الاختراقات الإلكترونية".
وبين أن أخطر أنواع الاستهداف الاستهداف الإستراتيجي المؤدلج الممنهج ضد الرموز والقدوات في محاولة إسقاط مكشوفة، وهز للثقة بهم مفضوحة، فيا أيها المبارك الموفق وأمام الاستهدافات ارفع وعيك، وخذ حذرك من خطر المستهدف
ودعا الشيخ السديس شباب الأمة أن يدركوا أبعاد هذه الاستهدافات الخطرة، وأن يحصّنوا أفكارهم ضد المؤثرات العقدية والفكرية والسلوكية، وألا يكونوا ميدانًا خصبًا لها أو سببا في انتشارها، وأن يقفوا في الأحداث عن علم وبصيرة، معتصمين بالكتاب والسنة على منهج سلف الأمة رحمهم الله، وهنا يؤكد دور الأسرة والبيت والمدرسة والجامع والجامعة.
الوقوف صف واحد
وواصل إمام وخطيب المسجد الحرام يقول: "الواجب على أمة الإسلام الوقوفُ صفًا واحدًا في وجه كلِّ من يحاول شَقَّ الصَّفِّ وإحداثَ الفُرقة والخلل، فإننا نرى العالم من حولنا إلى أين وصل به الحال؛ حيث تغمره أمواج الفتن، ويعاني إخواننا في بقاعٍ شَتَّى صنوفا من الصراعات والأزمات، والنيل من المكتسبات والمقدرات، والتعدي على الحقوق والمقدسات".
