من محافظة العلا شمال غرب السعودية إلى مدينة كان جنوب فرنسا، ومن استاد سنتياغو برنابيو الشهير- معقّل نادي ريال مدريد الأسباني إلى استاد الملك فهد الدولي بالرياض؛ نجحت السعودية في تصدير قوتها الناعمة الجديدة للعالم، فقد كان حضور المملكة خلال السنوات القليلة الماضية واضحًا ولافتًا على خارطة المشهد الثقافي العالمي، إذ يبرز القطاعان الثقافي والرياضي كعوامل قوى ناعمة صاعدة للمملكة، بحكم حجم التنوع الثقافي الكبير والمواقع الأثرية والتراثية التي تحظى بها المملكة. يشهد القطاع الثقافي في المملكة تحولًا مهمًا كجزء من خطة استراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع، وتصديره للعالم إلى جانب قطاعات أخرى مثل الرياضة، وهو القطاع الاستثماري الجديد الذي تراهن عليه الحكومة السعودية ضمن سعيها لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ضمن عملية تحول اقتصادي في إطار استراتيجي واضح ومحدد خلال السنوات العشر الماضية، ومن رؤية اقتصادية، لم تعد كرة القدم التي يتابعها الملايين حول العالم مجرد هواية فقط، بقدر ما هي اليوم صناعة واستثمار وتسويق، الأمر الذي تعمل عليه المملكة وفق أدواتها الاستثمارية والمالية المتاحة والمتمثل في ذراعها الاستثماري صندوق الاستثمارات العامة.
قررت المملكة خلال السنوات السبع الماضية -وهو عمر رؤية السعودية 2030 حتى الآن- دعم قطاع الثقافة ضمن أهدافها الاستراتيجية لجعل المملكة نقطة جذب ثقافي وسياحي تستهدف من خلاله تعزيز مكانتها الثقافية، ويدعم هذا التوجه تسجيل المملكة للعديد من المواقع التراثية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في منظمة اليونسكو مثل مدائن صالح، وحي الطريف التاريخي في الدرعية، وقرية رجال ألمع التراثية، وحي الدرع في دومة الجندل، وهو ما يؤكد الحضور الثقافي المهم للمملكة إلى جانب تأثيرها ودورها السياسي والاقتصادي المهم.
لم يكن التحول الثقافي الذي تعيشه المملكة اليوم خيارًا؛ بل حاجة وطنية ومشروعا إستراتيجيا مهما، يمنح المملكة القدرة على استعراض قوتها الثقافية كوجهة ثقافية وتراثية متميزة، فهي تمتلك إرثا ثقافيا وتراثيا يقع على امتداد مناطقها وأراضيها المختلفة، الأمر الذي يخلق انسجامًا وتناغمًا بين الاعتزاز في الهوية الثقافية السعودية وتسويقها، في الوقت الذي تواصل فيه المملكة سباقها الحضاري والتقدمي.
k_dandani@