تكثر في هذا العصر الوساوس والحسد والمشاكل الزوجية التي لا يعرف مصدرها، خلاف ما يحدث للإنسان من مس الجن أو السحر أو العين وخلافها، وجميع ذلك يحتاج بالتأكيد إلى علاج فعّال يساعد بالقضاء على تلك العلل التي تصيب الإنسان وتدمر حياته، وهو بالتأكيد ليس العلاج الطبي الحديث، الذي يعتمد على الأدوية والعقاقير، إنما يتمثل في علاج روحاني يعتمد بالدرجة الأولى على قوة الإيمان، ويتمثل ذلك في (الرقية الشرعية) من صحيح الكتاب والسنة، والأدعية المشروعة المتعارف عليها في علاج مثل تلك الحالات، والتي أثبتت نجاحها على مر العصور وتوالي الدهور، والرقية الشرعية هدي نبوي وسُنة، فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام من بعده، وإن كان الأفضل ألا يذهب المسلم إلى الرقاة إنما يرقي نفسه بنفسه، ولكنها عادة جرى عليها الناس أن يذهبوا لمن يرون فيهم الصلاح والاستقامة ليرقوهم.
للأسف أن الرقية حوَّلها الكثير من الأدعياء إلى مهنة، وأصبحوا يقتاتون منها مستغلين حاجة الناس وضعفهم وانكسارهم، ليوهموهم أنهم مصابون بالعين أو السحر أو الجن، وخلافها من المشاكل النفسية التي تتطلب علاجاً روحانياً من الكتاب والسنة، لتبدأ رحلة العلاج التي تستمر طويلاً، ولن تنتهي إلا بعد أن يحصل هؤلاء على مبالغ طائلة، وبدون نتيجة للأسف؛ لأن الهدف مادي بحت، بينما نجد في الجانب الآخر رقاة يقومون بهذا الأمر لوجه الله تعالى، مستشهدين بالآيات الصحيحة من الكتاب والسنة والأدعية المأثورة، ليحقق الله -عز وجل- على أيديهم الشفاء وبلوغ الرجاء، لكن كيف نستطيع التفريق بين هؤلاء وهؤلاء؟.
أتذكر إحدى قريباتي ذهبت لأحد هؤلاء الرقاة المدعين، ودخلت عليه مع مجموعة من النساء، وعندما نظر إليهن أخذ يقرأ، ثم قال إنكن مصابات بالسحر، ويجب عليكن الحضور أربعة أيام في الأسبوع لمدة شهر كامل، وتكلفة الزيارة الواحدة ثلاثون ريالاً، وعليكم الحساب.. هؤلاء من نريد إيقافهم.
أتمنى أن تقوم جهة مختصة لدينا في المملكة بإصدار تصاريح لمن يقوم بهذا العمل، حتى يصبح حكراً على أهل الخير والصلاح فقط، ويخرج المدعون وطالبو المال من هذا الأمر، لأنهم شوّهوا الرقية الشرعية وحوّلوها إلى مهنة، تعتمد على إيهام الناس بالمرض والتلاعب بمشاعرهم حتى يستمر وجودهم.