كل يوم ننام ونصحو على (صرعة) وموضة جديدة أعجبت أناسًا فركبوا موجاتها، فآذوا الناس بهياطهم وصياحهم.
في نهاية كل عام دراسي نعيش (صرعة) الاحتفالات.. تخرج الولد من الابتدائية أقاموا له حفلة.. تخرج من المتوسط حفلة.. تخرج من الثانوي حفلة.. بل وتخرج من الروضة حفلة!!
وأظن وبعض الظن ليس بإثم، إذا استمر الوضع هكذا سيأتي زمان على الناس يحتفل فيه المرء بثوبه الجديد وجواله الحديث.
حفلات التخرج بذخ زائد.. وهياط بلا حدود..
ففيها إسراف وتبذير، ويكفي في الإسراف قول الله تعالى: «إنه لا يحب المسرفين».
وفي حفلات التخرج زيادة أعباء اقتصادية على كواهل الأسر، فميزانية الأسرة وخاصة الطبقة الوسطى لم تعد تتحمل مصروفات إضافية، يكفيها غلاء الأسعار.. حفلات التخرج تصب في جيوب أصحاب محلات الحلويات والهدايا.. وفي المقابل تحرق جيوب الأسر الفقيرة.
وفي هذه الحفلات إحراج وعدم مراعاة لأحوال الطلاب الغلابى، وأسوأ من حفلات التخرج أولئك الآباء الذين يرابطون عند مدارس البنات ينتظر بنته المتخرجة ويحتضنها أمام الملأ والكاميرات.. وهو سلوك أقل ما فيه عدم مراعاة مشاعر الطالبات الأخريات، ممن كن يتيمات أو يعانين من تشتت أسرة، أو من يعشن مع أسر محدودة الدخل.
لست ضد الاحتفال «الطبيعي» بالإنجاز، ولا ضد الفرح الجميل باكتمال المهام ولو كانت صغيرة.. فلكل أسرة أن تحتفي بأبنائها داخل منزلها ووفق ظروفها.. لكني ضد المبالغة والتكلف وانتشار الوضع حتى يصبح ظاهرة ثم تتحول إلى عادة.
افرحوا بأولادكم يا سادة، واحتفوا بهم.. لكن بلا تكلف، ويا حبذا بلا تصوير يبث للملأ، فهناك من حُرِم من نعمة الوالدين، وهناك من حُرِم من نعمة المال... فارفقوا بمن حولكم، وراعوا مشاعرهم.
وأخيرًا..
سيأتي من يقول: يا أخي لا تقتل المتعة....!!
ليس الهدف قتل المتعة، فلك أن تعيش المتعة كما يحلو لك.. لكن المتعة إذا آذيت بها غيرك فهي خطيئة.. وإذا حصل فيها إسراف وتبذير فهي ذنب، وإذا كانت لها آثار سلبية تربويًا واجتماعيًا فتركها مطلوب.
* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
ما دخلت المبالغة في شيء إلا أفسدته.. وما تسلل التكلف إلى أمر إلا أهلكه.
ولكم تحياتي،،