ونحن الآن في آخر هذه السنة الدراسية، التي تعتبر من الأطول في تاريخ السنوات الدراسية في المملكة، بدأنا نلحظ الفتور والتعب على محيا أبنائنا وبناتنا طلاب المرحلة الابتدائية، الذين قطعوا شوطاً طويلاً يتجاوز عشرة شهور وهم بين مقاعد الدراسة وهموم الواجبات المنزلية، ربما يعتقد البعض عندما نتحدث عن الدراسة أنها تنتهي بمجرد خروج الطالب من المدرسة، بينما في واقع الأمر عندما يخرجون قبيل العصر تبدأ مرحلة جديدة مع الواجبات المنزلية اليومية، التي ترهق الطلبة وأولياء أمورهم بشكل كبير خلاف الدروس الخصوصية إذا وجدت، إذًا فالطلبة والأهالي في تعب وجهد كبير طوال العام، وبالذات المرحلة الابتدائية التي تتطلب متابعة جادة من الأهالي خطوة بخطوة، وإلا سوف يتدهور مستوى الابن دراسياً.
بالمرحلتين المتوسطة والثانوية يبدأ الطالب والطالبة نوعاً ما في الاعتماد على نفسه فيما يتعلق بالدراسة والمذاكرة، مما يخفف العناء عن الوالدين -وإن كانت المتابعة موجودة- إلا أنها أقل حدة من المرحلة الابتدائية التي تتطلب حضوراً ذهنياً من الأهالي؛ لأنها مرحلة تأسيس وتحضير لما بعدها طوال سنوات الدراسة للأبناء.
هذا الجهد الكبير يحتاج إلى إعادة نظر، وتخفيف ذلك الضغط على الطلبة وذويهم، من خلال العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين للمرحلة الابتدائية، بحيث تنتهي السنة في منتصف شـوال، لكي يحصل الطـلبة على إجازة نهاية العام ثلاثة شهور أو تزيد قليلاً.
مراعاة الناحية النفسية والصحية لهذه المرحلة العمرية مطلوبة، من خلال عدم تحميلهم ما لا يطيقون، سواء من ناحية الضغط النفسي أو الضغط الذهني، خلاف الاستنفار الكبير في المنازل طوال أكثر من عشرة شهور، جميع ذلك يتطلب إعطاء هؤلاء مساحة كافية للراحة، بعيداً عن أجواء الدراسة وهمومها، لكي يعودوا وهم أكثر نشاطاً وحيوية ومحبة للدراسة، لكن بوضعها الحالي لا تكاد تنتهي السنة الدراسية إلا ويبدأ التجهيز للسنة التي بعدها وهكذا، مما يفقد الاشتياق للدراسة، وبالتالي يفقد الطلبة محبتها لينعكس ذلك سلباً على التحصيل الدراسي، عندما يأتي الطالب للدراسة بمحبة وبهجة، سنشاهد في المستقبل جيلًا مبدعًا في كافة المجالات، أما عندما تتحول الدراسة إلى تحصيل حاصل فإن هذا الجيل لن يحقق ما نتمناه، ولنعلم أن غرس محبة التحصيل العلمي يبدأ من هذه المرحلة سواء سلباً أو إيجاباً.