في يوم عرفة يجتمع أكبر تجمع بشري على الأرض، وفي مثل هذا اليوم – يوم عرفة وفي حجة الوداع في العام العاشر للهجرة النبوية، وقف محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم شخصية في التاريخ ليتحدث في خطبة الوداع عن أسس ودعائم لا تقوم قائمة المسلمين إلا بتطبيقها على المستوى الفردي والجماعي.
وقف نبينا وخطب في المسلمين خطبة خالدة سميت بخطبة الوداع، هذه الخطبة لها مقدمة وخاتمة، وبين المقدمة والنهاية ذكرت الخطبة سبعة بنود:
• إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم..».. أول بند تحريم القتل واستهداف الأبرياء، فما بال المسلمين يقاتل بعضهم بعضًا؟ بل وأعلنوا الجهاد ضد بعضهم؟
• تحريم الربا وخطورة التعامل به، وأن اللعن يصيب آكله وشاهده وكاتبه ومن له علاقة به من قريب أو بعيد؛ لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع، والبعد عن الربا أمان ديني ودنيوي.
• احترام المرأة، وإعطاؤها حقوقها، ودعوتها للقيام بما عليها من واجبات تجاه زوجها وأسرتها. فكما أن للمرأة حقوقا فعليها واجبات لا بد من الوفاء بها.
• من كانت عنده أمانة فليؤدها.. الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين منها وأشفقن منها، وتحملها الإنسان، وهذه الأمانة تظهر في التربية والعمل والعلاقات، وفي علاقتنا بالله تعالى.
• دعوة المسلمين إلى أن يتمسكوا في كل زمان ومكان بكتاب الله وسنة نبيه، خاصة عند الاختلاف. وكل الأفكار والدعوات تعرض على هذا الكتاب فما وافق الإسلام يقبل وما تعارض معه يرفض.
• التحذير من الشيطان، وأنه قد يئس أن يعبد لكنه يطاع فيما سوى ذلك، يطاع في التحريش بين الناس وفي تزيين المعاصي، وشياطين الإنس خطرهم مثل شياطين الجن.
• تحذير المسلمين من الاختلاف والتناحر فيما بينهم، وأن قيمة الإنسان بتقواه، وليست بلونه أو نسبه، فالناس أبناء آدم، وآدم خُلِقَ من تراب، فلا غرور ولا تعصب ولا عنصرية.
خطبة عرفة ليست مجرد خطبة؛ بل هي خطاب لكل طوائف المسلمين في أن يتقوا الله في الدماء التي تزهق، فالرب الذي قصدوه في الحج وتوجهوا إليه في صلاتهم هو الذي حرم قتل الأبرياء. وأسس ومضامين خطبة الوداع هي أساس صلاح الدول والشعوب.. والتخلي عن هذه الأسس الإسلامية كفيل بظهور الفساد بكل أنواعه.
ولكم تحياتي،،