لاحظ غير مراقب تصاعد اللقاءات بين الاتحاد الأوروبي وبين المسؤولين في تونس، حول أزمات حالة الأمة الأولى، في تقديرنا تمحورت حول العجز المالي المتصاعد الخطورة الذي تواجهه الحكومة، والدولة، والمجتمع التونسي. وكانت ربما الفرصة الكبيرة للجانب الأوروبي لاستثمار ذلك الخلل البنيوي في تونس خاصة بعد فشل اللقاءات والمقترحات للحل عبر جهات دولية للإقراض. أحيانا يكون حل بعض المشاكل نافذة مهمة لحل مشكلة أكبر، وربما أخطر. الاتحاد الأوروبي استعد بتقديم منحة مالية معقولة تساهم في سد شيء من الفجوة الاقتصادية في تونس، ولكن هذه المساعدة ليست كل شيء، والاتحاد الأوروبي حاول استثمار هذه الحالة في توظيف جهود الأمن التونسي بأن تكون تونس هي بوابة أمن للأراضي الأوروبية، وهذا النشاط من تونس ينقسم إلى مسارين.. الأول: يتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين من حاملي الجنسية التونسية وهم في الغالب يشكلون نسبة ليست بالهينة من حجم المهاجرين غير الشرعيين الكلي الذي يتوجه للسواحل الأوروبية كل عام. أما المسار الثاني فيتجه في جله لمواجهة الأعداد الكبيرة من الأفارقة الذين يجدون أنفسهم على الأرض التونسية قبل المغادرة للأراضي الأوروبية، وهنا المطلوب من تونس أولا منعهم من مواصلة الهجرة للبر المقابل، وبطريقتها كدولة أفريقية تتصرف معهم بما يعيدهم إلى بلدانهم، المهم أن تتخلى القوات التونسية والمقصود بها قوات الأمن وخفر السواحل وكذلك القوانين المدنية عن الإتيان بأعمال عنصرية أو تمييز ضد المهاجرين الأفارقة. في تونس كان أهم تصريح في هذا الخصوص بعد لقاءات بين الجانب التونسي وبين رئيسة الوزراء الإيطالية مرتين خلال أسبوعين وبعد لقاء الرئاسة التونسية بوفد من الاتحاد الأوروبي، قول فخامة الرئيس التونسي بالحرف إن بلاده لن تكون بوابة حراسة للأوروبيين. وكان هذا التصريح مستغربا، لأن الصفقة واضحة، وربما تندرج في شكلها العام في إطار تعاون للحد من خطورة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي تعد الأراضي التونسية أحد أبرز نقاطها، ودفع الأوروبيون مقابل ذلك كخطوة أولية، أو مبدئية ما يقترب من مليار يورو لإنقاذ الخزينة التونسية التي تشارف على الإفلاس. ما أعتقد بأنه مهم في هذه المرحلة التي باتت الهجرة غير الشرعية من أفريقيا الفقيرة إلى سواحل أوروبا التي لم تعد غنية كما كانت، بأن يكون هناك عمل جماعي أفريقي - أوروبي وتحت إشراف الأمم المتحدة ومساندة المنظومة الدولية، بوقف هذا النزيف البشري الذي يذهب ضحيته المئات كل عام في مياه المتوسط.