التسول ظاهرة اجتماعية تنتشر في دول العالم دون استثناء، ومكافحة التسول تمثل أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومات، بما فيها المملكة العربية السعودية، وقبل ما يقارب العامين أصدرت المملكة تشريعات جديدة لمكافحة تلك الظاهرة، وفي هذا المقال سأتطرق لأهمية مكافحة تلك الظاهرة الخطيرة على مجتمعنا، والجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية للتصدي لظاهرة التسول بكافة أنواعها.
في البداية، من المهم تعريف مصطلح المتسول، فوفقاً لنظام مكافحة التسول تم تعريف المتسول بأنه كل من يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت.
مع الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت ظاهرة خطيرة تُعرف بظاهرة التسول الإلكتروني، فمن خلالها يقوم المتسول باستخدام وسائل الاتصال الرقمية لاستغلال الآخرين والتلاعب بهم تحت مبدأ «التعاطف الإنساني»، والخطورة هنا تكمن في احتمال أن يكون المتسول من مجهولي الهوية، مما يهدد الأمن نظرًا لاحتمال ارتباط هؤلاء المتسولين بجماعات إرهابية أو مجموعات مشبوهة.
ظاهرة التسول أخذت أشكالاً أخرى خاصة في المواسم مثل شهر رمضان والحج والعمرة، وذلك استغلالاً لرغبة المسلمين في الصدقة التي يتضاعف أجرها في تلك المواسم، حيث يستغل مجموعة من المتسولين تلك المواسم لاستعطاف الحجاج والمعتمرين، مما يسيئ للجهود المبذولة من الدولة في خدمة زوار وضيوف المملكة، ومع التطور الواضح في الجانب الأمني في مواسم الحج والعمرة، نجد أن تلك الظاهرة بدأت بالتقلص خاصة بعد الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية على رأسها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والتي تكثف تواجدها الميداني لمتابعة تلك الظاهرة بالتنسيق مع عدة جهات حكومية، والتي ينبغي ألا نغفل أدوارهم الفعالة في مكافحة هذه الظاهرة السلبية.
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تبذل جهوداً واضحة في التنسيق مع الجهات ذات العلاقة فيما يخص مكافحة التسول، وتعمل بشكل مستمر على دراسة الحالة الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية للمتسولين السعوديين من قبل الأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيين التابعين للوزارة، وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم وفقاً للأنظمة والقرارات ذات الصلة بحسب الحالة، ومنها على سبيل المثال «تسجيل حالات المتسول في الضمان الاجتماعي ممن تنطبق عليهم شروط الأهلية، تحويل الحالات إلى وحدة التمكين في مكاتب الضمان الاجتماعي أو صندوق الموارد البشرية للنظر في إيجاد عمل مناسب للمتسول أو من يعول»، ولها جهود في إرشاد المتسولين السعوديين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية والخيرية لنقلهم لحال أفضل، ومتابعتهم من خلال الرعاية اللاحقة، بالإضافة لنشر الوعي بمخاطر التسول النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية بعدة طرق وأساليب، وإعداد الدراسات والبحوث وعقـد الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة.
تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع مسؤولية نشر الوعي بمخاطر التـسول، فالتكامل والتعاون هما الأساس للحد من ظاهرة التسول وحماية المجتمع من أضراره وتبعاته، وتفاعل المواطنين مع الجهود المبذولة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من خلال نشر الوعي بمخاطر التسول بجميع أشكاله يعتبر أمرا أساسيا، والإعلام له دور أيضاً في نشر تلك الرسالة الهامة، ولذلك علينا جميعاً التكاتف والعمل يداً بيد لمكافحة تلك الظاهرة.
ختاماً: الجهود المستمرة التي تقوم عليها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في تراجع ظاهرة التسول في المملكة، ومثل تلك الجهود التي تستهدف حماية المجتمع تستحق الإشادة بها.