@dr_abdulwahhab
يصادف مقالي، اليوم، عيد الأضحى المبارك، كل عام وأنتم بخير وصحة وسلام. مقالي، اليوم، عن موضوع مهم للاقتصاد والشركات والمجتمع وأصحاب المصالـح. لقد برز الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في عام 1938 م، في كتاب للمفكر الأمريكي شيستر برنارد
Chester Barnard ، وكان عنوانه «مهام المدير التنفيذي» ؛ حيث تحدث عن مسؤولـية مدير الـشركة تجاه المجتمع الـذي تمارس فيه الـشركة عملـياتها. ومنذ ذلـك الحين إلـى الـيوم والـكتب والأبحاث مستمرة، خاصة في الولايات المتحدة في هذا الموضوع الحيوي. تُعدُّ استجابة الشركات للمسؤولية الاجتماعية من أبرز معايير نجاحها في أي مكان وزمان في هـذا الـعالـم؛ لأن حساسية الشركات تجاه خدمة المجتمع الـذي تمارس فيه نشاطاتها تتطلب الـتفاعل المناسب في الـوقت المناسب لتلبية احتياجاتها واحتياجات ذوي الـعلاقة بها. يعرف مفهوم المسؤولـية الاجتماعية في الأدبيات أنه الالـتزام الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي غير المشروط تجاه المجتمع وكل من لـه علاقة أو مصلحة بالـشركة مع الالتزام القانوني. أما تعريفي لـلـمصطلـح فإنه الاستجابة الأخلاقية والحساسة غير المشروطة بتبادل منفعي بين الـشركة والمجتمع، وذلـك لـتلـبية احتياجاتها واحتياجات أصحاب العلاقة والمصالح مع الشركة، مع الأخذ في الاعتبار التوازن بين مصلحة مالك الشركة أو المساهمين ومصالح ذوي العلاقات المصلحية بها. لا يشترط في المسؤولـية الاجتماعية عملية البيع والشراء أو ما يُعرف بتبادل المنافع وإنما يعني خدمة غير مشروطة للمجتمع وذوي المصالح، بحيث تعكس وعي واهتمام الشركة بالمجتمع.
لعبت بعض الشركات السعودية دورًا كبيرًا وطويلًا في المسؤولية الاجتماعية، حيث تجاوزت نظيراتها من الشركات الأمريكية، لـكن نسبة كبيرة منها تنظر للمسؤولية الاجتماعية نظرة ربحية بحتة فلا تقدم للمجتمع ما يستحقه من اهتمام ورعاية، بل تقوم بعض الـشركات الـسعودية بتلـويث البيئة ليدفع المجتمع تكلفة التلوث.
وإجمالًا لا تزال معظم الـشركات السعودية متأخرة في مسألة المسؤولية الاجتماعية، وهذا يعود لـلـثقافة الـسائدة في إداراتها العليا ومجالس الإدارة والملاك أو المساهمين، حيث ترى هذه الأطراف أن الحكومة مسؤولة عن دعم المجتمع وأن مسؤوليتها تحقيق الأرباح للمستثمرين. قد تكون بعض الجهات الحكومية مقصّرة في توعية الشركات السعودية بما تعنيه المسؤولية الاجتماعية والتشجيع عليها ليستفيد المجتمع من مشاركتها الـتي أعتقد أنها أخلاقية وحضارية وإنسانية، بل قد تكون قانونية حسب مخالفاتها للبيئة وغيرها من أصحاب المصالـح. لـلـمساهمة في المسؤولـية الاجتماعية فوائد مالية ومعنوية ترقى بسمعة الشركة وصورتها الذهنية ما يزيد من مبيعاتها وعائداتها الاستثمارية.
تساهم المسؤولية الاجتماعية في جذب الزبائن للعلامة التجارية بين منافسيها وبالتالي تزيد الإيرادات والأرباح.
الـصورة الذهنية الإيجابية نتيجة مساهمة الـشركات في المسؤولـية الاجتماعية تزيد من شهرتها بين أفراد المجتمع وبالتالي تزداد مبيعاتها وأرباحها وحصتها بين المنافسين الذين ربما لا يستطيعون مواكبتها إذا تجاهلوا المساهمة في المسؤولـية الاجتماعية.
وتكمن الـقيمة المضافة لـلـمسؤولـية الاجتماعية في تحسين الميزة التنافسية.
وتساعد الممارسة الـفاعلـة للمسؤولية الاجتماعية في تكوين الميزة التنافسية المستدامة لـلـشركات إذا تلمّست ولـبّت احتياجات المجتمع في الـوقت المناسب بالخدمات والمنتجات المناسبة وفي المكان
المناسب والوقت المناسب. يدعم المجتمع الـشركة عندما تستجيب لاحتياجاته، وذلـك بشراء منتجاتها، بل يصبح عملاؤها أكثر ولاءً لها ولمنتجاتها. أما عملاء الشركات الأخرى الـتي لا تهتم بخدمة المجتمع فإن نسبة كبيرة منهم ستتحول إلـى الـشركة الـتي تهتم بخدمة المجتمع بناءً علـى الـشهرة والـسمعة الـطيبة.
الحقيقة أن الشركات السعودية بحاجة إلـى تطوير ثقافتها وقيمها وفهمها لـلـمسؤولـية الاجتماعية لـتنافس في الـسوق المحلـية والأسواق الإقلـيمية والـعالمية؛ حيث أصبحت المسؤولـية الاجتماعية خيارًا إستراتيجيًا تستثمره الشركات الناجحة لتحقيق أهدافها من حيث حجم الإيرادات والأرباح والحصة بين المنافسين في الأسواق.
كلية الأعمال KBS