@DrAlghamdiMH
* بداية أوجِّه التهاني بالعيد السعيد لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولسيدي صاحب الـسمو الملـكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلـس الـوزراء «يحفظهم الله» . وإلـى كافة أفراد الأسرة المالكة العظيمة. وإلى أفراد الشعب السعودي الوفي الفخور، وإلى الحجاج ضيوف بيت الله الحرام.
* اليوم الأربعاء يصادف عيد الأضحى المبارك ميعاد نشر مقالي الأسبوعي؛ ما جعلني أكثر سعادة؛ قررت أن تكون أيامه في قريتي الطلقية بمنطقة الباحة. كان آخر عيد لي في ربوعها عام 1971 قبل (52 (). ( سنة غادرت قريتي مع جيلي في رحلة بحث عن حياة أفضل. كانت كل ثروتنا الطموح والهمّة. يقودها انضباط تعلّمناه في هذه القرية. مهارات حياة جعلت رتم نشاطنا أشبه بدقة الساعة. كل شيء يتم في وقتٍ محدَّد. إنجاز كل شيء في وقتٍ محدَّد. قرية كان رتم حياتها ثابتًا لم يتغيّر لقرون. هذا ما جعل إنسانها أشبه بآلة تراثية، بوظيفة محددة. وتتغيّر الوظيفة مع تغيّر مراحل الـعمر من الـ ولادة حتى الممات. حياة عظيمة ومسؤولة كانت تعرف ما تريد.
* غادرت أحمل قيمًا استثنائية من الرجولة والمرجلة، اكتسبتها من قوانين الـقرية. جعلـتني قائدًا لـنفسي منذ الطفولة. تم وأد طفولتنا لصالح بقائنا. وجدت نفسي وجيلـي رجالًا ونحن في سن الـطفولـة. لـم نعرف المراهقة. في القرية يولد الـذكر رجلا صغيرا. يكبر مع كنز من مهارات، وعادات، وتقاليد، ونمط حياة صارم وحازم. حياتنا منذ الـولادة أشبه بالعسكرية. كل فرد يتدرج في مسيرة حياته من رتبة أقل إلـى رتبة أعلـى. لا مجال للعاطفة. تم وأد العواطف لصالح البقاء.
* أكتب لكم هذا من بيتنا الحجري الـتراثي في قرية عظيمة، أشبه بمعهد تدريب وتهيئة، وإعداد قادة لمواجهة ظروف الحياة الـصعبة. الـهدف إعداد الجميع رجالا ونساء للنجاح في البقاء في أحلك الظروف قسوة وفاقة. انتظار الـفرج أمل يعززه الـصبر. وجاء فجر الفرج على يد الملك عبدالعزيز «رحمه الله» . وبعد إنجاز توحّد البلاد والعباد، أرسى لـلأمة قواعد مجد مستقبلها. قريتي في الـعهد الـسعودي أصبحت موقعا حضاريا، تنعَم بكل إمكانيات مدن الـعالـم. كذلـك قرى وهجر بلادي المترامية الأطراف. بلاد عظيمة بمساحة تزيد على 2 ) (مليون كيلو متر مربع. كل جزء منها يتحدث عن إنجازات.
* الـيوم أقضي أول أيام الـعيد في قريتي بعد غياب أكثر من نصف قرن.
لا أدري كيف ستكون فعالـياته في ظل ذكريات آخر أعيادي في ربوعها عام
– 1391) 1971 ). سأترك الحديث للمقال القادم. وسأنقل لكم وصفًا لعيد انتظرت تحقيقه بعد كل هذه العقود. كنت خلال هذا الـغياب أمنّي النفس بلقاء زملاء الطفولة من أبناء القرية. وقد توزعوا في أنحاء المملكة. أتساءل: هل سيقضون معي العيد في ربوعها لهذا العام؟
* يا لـروعة ما حققنا من إنجازات.
أصبحت كل أيامنا أعيادًا. خرجنا من القرية حفاة، في أحواض سيارات (اللوري) الـشهيرة والمكشوفة، عبر طرق ترابية صعبة. خروج عظيم إلـى عالم التحدي.
تخطَّيناه بفخر وجدارة. حوّلـنا حياتنا وبلـدنا فردوس حضارة بفعل قيادات حكيمة، جعلت من أبنائها مفخرة عالمية.
* جيلي المهاجر أصبح أيقونة للعطاء ولـلإنجاز الـعلـمي. أصبحنا جزءًا من محور البناء الوطني في شتى المجالات.
لي فخر أن أكرر ما كتبت سابقًا: قريتي أصبحت شبه جامعة، لـكثرة عدد أبنائها الذين يحملون إجازة الدكتوراه في تخصصات مختلـفة. منهم أيضًا قادة عسكريون، وأساتذة أجيال، ورجال أعمال، وأطباء وطبيبات، ومستشارون، وخبراء في كل مجالات الحياة المدنية والعسكرية. كيف سيكون العيد وسطهم ومعهم في القرية بعد كل هـذا الغياب؟ آمل تعويض سعادة طفولتنا الـتي لم نعِشها؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.