تصوَّر أيها القارئ أن تكون داخل رأسك شريحة وأسلاك وبطارية تساعدك في التخلص من أمراضك التي تعيق مسيرة حياتك...!
مجرد شريحة صغيرة لا تشعر بوجودها، ربما يعتبر البعض أنها بداية لحياة جديدة، لكن الطامة الكبرى أنها ستساعدك في التخلص من الأمراض، لكن ربما تحوّلك إلى مجرد دمية...؟
ما تقدّم شاهدناه مرارًا وتكرارًا وخلال العقود الثلاثة الماضية في أفلام الخيال العلمي الهوليودية، هوليوود ليست مجرد مكان لإنتاج السينما، هوليود هي المكان الذي تنطلق منه بالونات الاختبار قبل كل حرب أو قرار سياسي أو اقتصادي أو طبي، وهي المعسكر الذي تنطلق منه جحافل جيوش القولبة والتنميط والتزييف والتزوير إلى جهات العالم الأربع..!
لذا أي شيء تجده بين يديك اليوم كان قد تم اختبار تقبّل البشرية له عبر السينما الهوليودية أولًا..!
بعد تطوير تكنولوجيا الهواتف الذكية ثم الإعلان مؤخرًا عن تدشين مرحلة استخدمات تطبيقات الذكاء الصناعي، وهي مرحلة رقمنة الإنسان نفسه بواسطة شريحة في الدماغ يمكنها أن تتواصل مع وظائف عقله وتسيطر عليه تدريجيًّا، شركة Neuralink التي أسَّسها الملياردير إيلون ماسك، انطلقت أبحاثه لزرع شريحة دماغية مدمجة في جمجمة الإنسان منذ عام 2016، وبعد سنوات من استخدام الحيوانات في تجاربها أعلنت الشركة أنها تخطط لبدء التجارب البشرية، ورغم أن أهدافها المعلنة مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل إلا أن الأوساط العلمية والتجارية تتحدث عن طموحات إيلون ماسك الجامحة.
والمعارضون لشريحة ماسك يقولون قبل أن نصل إلى النقطة التي يصطف فيها الناس للحصول على هاتف ذكي مزروع في عقولهم، من المهم أن نتعامل مع مخاطرها الأخلاقية الفريدة.
والمخاوف هنا في جوانب السلامة والأمان مثل خطورة بطارية الليثيوم المدمجة وإمكانية أن تلحق ضررًا بأنسجة الدماغ، ناهيك عن الأسلاك الدقيقة التي تزيد من خطر التهاب الدماغ وإعاقة وظائفه، وتمزق الأوعية الدموية، وهناك تساؤلات عن ارتفاع حرارة الشريحة ومدى إمكانية إزالتها من الدماغ دون إحداث أي أضرار.
ورغم أن ماسك أعلن أن الهدف الإستراتيجي هو الوصول إلى علاج اضطرابات الدماغ وإصلاح الحبل الشوكي والتمكن من إعادة البصر إلى الأشخاص حتى ولو وُلدوا فاقدين له إلا أن الشكوك حول الدوافع الحقيقية قائمة.
لا يوجد عاقل يقف في طريق التطور العلمي والتكنولوجي، ولكن من حق الجميع الحصول على أجوبة صادقة عن آثار تلك التكنولوجيا على صحة الفرد والمجتمع.
لمحة:
الغرق في التكنولوجيا يعني أن نفقد الاتصال بالواقع والإنسانية، فلنتذكر أننا بحاجةٍ إلى توازن بين الاستفادة من التقدم التكنولوجي والاحتفاظ بقدرتنا على التواصل والتفاعل الحقيقي مع العالم من حولنا، وتذكّر عزيزي أن الغرق في التكنولوجيا يصنع أجهزة ذكية وعقولًا ضعيفة، فلنحافظ على توازننا بين استخدام التكنولوجيا والاستمتاع بالحياة الحقيقية.