ضغوط الحياة وصعوبتها تُلقي بظلالها على الإنسان؛ مما يجعله يحتاج إلى فترات سكينة وهدوء مع النفس لا تتحقق إلا في مواقع معينة، فالذهاب إلى الأسواق والكافيهات وأماكن التجمعات لا يحقق تلك الراحة مطلقًا؛ لأنهم هربوا من الضجيج وجاءوا إلى ضجيج آخر، عُشّاق ذلك النوع من السكينة يطلبونها في الريف، وتحديدًا أجواء المزارع التي تحقق متعة جميلة لا يمكن أن تجدها في مكانٍ آخر، الكثير يتمنى أن لديه مزرعة يذهب إليها في نهاية الأسبوع أو أوقات الإجازات، ولكن هذا الأمر غير متحقق للجميع؛ لأن شراء المزرعة يتطلب مالًا وفيرًا لا يقدر عليه الكثير، الجميع منا عندما يطلب منه أحد أصدقائه أن يذهب إلى مزرعته تجده يشعر بالفرحة والاستمتاع؛ مما يؤكد أن الجميع يرغب في ذلك النوع من الترفيه أو السياحة الجميلة التي تُبعدك عن هموم وضغوط الحياة، تلك المتعة لها عُشّاقها ومحبّوها، لكنها لا تتوافر لدينا، ربما توجد مشاريع فندقية أو شقق مفروشة داخل بعض المناطق الطبيعية المحاطة بالمحلات والمولات، كما هو الحاصل في أبها والباحة والنماص وكافة مناطق جنوب المملكة، ولكنها لا تعطي ذلك الهدوء والسكينة التي يرغبها محبو ذلك النوع من السياحة، لا يوجد لدينا ما يسمى بـ (سياحة المزارع)، بحيث يتم الترخيص لأصحاب المزارع بالقرب من المدن الرئيسية أو التي في المدن الصغيرة بتحويل مزارعهم إلى منتجعات ـ وفق اشتراطات معينة ـ تضعها وزارة السياحة؛ لتصبح رافدًا مهمًّا للسياحة المحلية، وشكلًا جديدًا من أشكال السياحة التي تزخر بها مملكتنا الحبيبة، خاصة أن أغلب دول المنطقة تفتقر لذلك النوع، والبعض منها لا يوجد لديهم أساسًا.
عندما تشعر بأنك ذاهب إلى مكان بعيد عن زحمة وتجمّعات الناس طالبًا الراحة والدعة والاستمتاع بين الأشجار وأصوات الطيور، بالتأكيد أنها متعة لا تعادلها متعة، وسياحة مهمة تعيش في وجدان الإنسان، نتمنى تحقيقها داخل المملكة، خاصة أن البنية الأساسية موجودة من مزارع وطرق وخدمات ولا يتبقى سوى التصريح.
سياحة المزارع ليس بالضرورة أن تتطلب مباني تراثية داخل الموقع وإنما تعتمد في الأساس على تهيئة الجو العام، والعيش داخل المزرعة في منطقة محدودة تفصلك عن العالم الخارجي.
يوجد مثل هذه الأفكار في بعض الدول، مثل إندونيسيا التي تحدّث الجميع عن تجربتهم هناك بأنها مثالية، ولا يمكن نسيانها، لدينا ستكون التجربة أجمل.