يُعتبر القطاع العقاري في أي اقتصاد أحد أهم القطاعات المحلية التي تحتاج إلى التعامل معه بكياسة واهتمام، فهذا القطاع دونًا عن باقي القطاعات يتشكّل كأذرع أخطبوط في عملية التنمية الاقتصادية، ويؤثر كثيرًا على باقي القطاعات، ولعلنا إذا أردنا أن نأتي بمثال على ذلك أن نذكر أزمة الرهن العقاري الأمريكية التي تسببت لنا في الأزمة المالية 2008، إنها في الحقيقة أزمة قطاع العقار وكيفية إدارته، ولنعُد بالذاكرة لنعرف كيف لهذا القطاع التسبب في أزمةٍ دولية، بدأت إرهاصاتها مع العام 2004 في ظل التنافس الذي حمي وطيسه لدى المصارف الأمريكية باستهداف الأفراد الراغبين في شراء منزل بقروض ضمانها العقار ذاته، كان هناك فساد بالطبع، فالعاملون في التسويق لبيع خدمة القروض العقارية يريدون الحصول على أكبر قدر من العملاء، والعملاء يريدون الحصول على مبلغ أكبر للقرض لشراء منزل العمر، وعليه كان تقييم الرهن مبالغًا فيه؛ ليعجز بعدها عن سداده، ومن ناحية أخرى لا يمكن أن نحمل الطمع فقط للمسوّق والمستهلك، بل أكبر المطامع كانت البنوك الاستثمارية التي راحت تضارب على تلك الحصص المرهونة، بعد أن أدخلتها في البورصة. ولن نخوض في تلك العملية، ولكن لنا أن نكتفي بما يفعله العقار من كونه أحد أهم القطاعات التي تجعل الفرد مستقرًّا نفسيًّا واجتماعيًّا أو العكس، وارتداد ذلك على البلد وتنميته... كيف؟!!
يحرّك بيع وشراء العقار جميع الأسواق الأساسية المحلية، وينشّطها ويجعلها في حالة من الازدهار، فبيع وشراء العقار يحتاج إلى المال، وبذا يتحرك القطاع المالي من بنوك وحلول الإسكان، ويحتاج إلى مقاولين وأيدٍ عاملة ودلالة وتخطيط، ويحتاج إلى مواد بناء أولية، ويحتاج إلى بُنى تحتية للبناء، تعمر المنطقة التي يسكنها، فلنا أن نعدّ كم سوقًا تحرك معه؟
وعليه وجب أن نذكر أن هذا القطاع المحلي «العقار» قد ساهم في الحد من المخاطرة وارتداد أزمة 2008 على أسواقنا المحلية بالخليج إبان أزمة الرهن العقاري في أمريكا. أجل.. لقد ساهم قطاع العقارات في استقرار الوضع المالي المحلي إلى حد كبير؛ بسبب الأنشطة الاستثمارية العقارية الكبيرة آنذاك، والتي بذلك قللت من حجم الخسائر المرتدة على أسواقنا، كما كان للتخارج من هذه المشاريع المحلية الدور الكبير في التعويض على المؤسسات المتضررة، واستقرار بيوت المال المحلية التي لم تشهد تحركات سلبية كبيرة، فكانت كوسادة أمان، ففي تلك الفترة كان العمران الخليجي في أوجّه، والقطاع العقاري يشهد نشاطًا غير مسبوق، ليس في الخليج وحسب، ولكن في ذلك الوقت، كان هناك توجّه نحو الاستثمارات المحلية بالذات، وبناء المدن والجزر السكنية، ومثل هذه المشاريع تأخذ وقتًا أطول في حصد ريعها، كما أن الاستثمار في البلد بالذات في قطاع العقار يكون أكثر أمانًا وأقل خطورة، وله قيمة أكبر اقتصادية واجتماعية، ويحفز على التنافس، ويحد من الاحتكار ويساعد في تطوير الطرق والبُنى التحتية ويعمر البلد.
لذا، فإن هذا القطاع ينمو مع أي قطاع يزدهر في البلاد، فهو في كل الأحوال واعد ونشط، ويجب أن يبقى كذلك.
@hana_maki00