الأوضاع في السودان تتفاقم، وفرص البحث عن حل سياسي سلمي يوقف دائرة العنف هناك لا بوادر له، ولا مؤشرات عليه حتى الآن. حديث لنائب القائد العام الجديد الأستاذ مالك عقار، قبل أيام قليلة، كان مليئًا بالإشارات السلبية، وأكثر من ذلك كان خطابًا متصلبًا ليس مع الفرقاء السودانيين في الداخل، بل مع الإقليم والدول التي تحاول مد يد العون للسودان في هذه الظروف الصعبة.
فكرة أن يترك السودان وشأنه، وألا يتدخل أحد، سواء من دول الإقليم أو من دول العالم في الشأن السوداني، فكرة خيالية جداً. لأن معنى ترك السودانيين وشأنهم استمرار القتل والخراب والدمار، وتهديد الأمن والسلم الدوليين.
وهنا تتحوّل المسؤولية القُطرية جغرافيًّا والعالمية إنسانيًّا إلى ضرورة تدعو الجميع للتحرك. تحليل ما يحدث في السودان اليوم أمر مرهق ومليء بالمتناقضات ويخرج من تحت الرماد السوداني السياسي والحزبي والميليشياوي، وجوه جديدة وفاعلون غير متوقعين أو يعتقد البعض أنهم أصبحوا من رموز الحقبة السياسية الماضية التي عزلت في السودان عن المشهد في العام ٢٠١٩ وما بعده، لكن يبدو أنه لا شيء ينتهي في السودان وأن الصراع، سيجد له أدوات يقتات عليها، ويستعيد بها دوره الذي نسيه البعض في الزمن الماضي، وهذه هي طبيعة البيئات التي تدفن المشاكل، والجراح، ومطالب الناس تختفي، لكنها لا تغيب، أو تنتهي، والأدهى من ذلك أنها تبرز وتُطِل برأسها في الزمن الخطأ والمكان الخطأ للأسف.
ما أقصده هو الفاجعة الجديدة التي بدأت تنقلها لنا وكالات الأنباء عن بروز فاعلين صناعيين قبليين وجمهوريين وقبليين بدأوا ينضمون إلى قافلة الاحتراب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، هذه الفواعل كانت ذات صوت وتأثير وفعل يومًا ما، ولكن السياسة وتعاطيها لم يخرج القيح السياسي الذي كان يدفعها إلى خارج الجسد الوطني؛ لذا بقيت كامنة وجاد خروجها، أو بروزها من جديد في الوقت غير المناسب تمامًا.
خطورة بروز هذه الفواعل السلبي على الأزمة مردّه أنها تزيد من رقعة الأرض التي يستخدمها طرفا الصراع وتوسيع دائرة الخلاف لتنتقل من العاصمة والإقليم الذي بدأت فيه إلى أقاليم أخرى، وإلى ولايات أخرى، وإلى قبائل أخرى.
منذ أن بدأ الصراع، كان هناك حديث وتخوّف من أن تكون الحدود الطويلة للسودان مع بعض جيرانه معبرا مزدوجا، بمعنى أنه يسهل للناس الخروج من السودان أي يفرغ السودان من شعبه، وفي المقابل يصدّر للمتحاربين السلاح، والمقاتلين، والمخدرات، والخارجين على القانون.