لا يعني كون الطرف الآخر غربيًّا يعطيه الميزة المكتسبة على الفرد المحلي، هو فقط انبهار قديم تأصّل في أذهاننا وعجزنا عن - أو لم نحاول - التخلص منه.
فنحن نقول: رحالة أجنبي، خبير غربي، مستثمر أجنبي؛ لنعطيه الميزة والتفوّق.
قرأتُ أن سائحة إنجليزية في فرنسا من ذوات الثقافة الفيكتورية اللاتي يرين أن الإمبراطورية البريطانية ما زالت قائمة، رأت تقصيرًا من الفندق الذي تسكن فيه، فهدَّدت بالكتابة إلى وزير الخارجية البريطانية، وعلى اعتبار أنه مسؤول عن «الخارجية»، إذًا هو مسؤول عن راحة الرعايا البريطانيين في الخارج.
بعض الإنجليز – وهم في فرنسا – يسمّون الفرنسيين «أجانب».
وقرأتُ كتابًا بالإنجليزية يقول كاتبه إن 40% من الأمريكيين العاملين في منطقة الخليج العربي يرون أن مشاكلهم الحياتية في بلادنا يمكن حلها، أو تدخل في اختصاص (سيناتور) مدينتها في بلادها أمريكا. أو يمكن التعاطي معها بواسطة رجل كونجرس؛ لأن الغربيين رغم علومهم المادية تنقصهم الثقافة. وأن ما يُطبّق في الولايات المتحدة لابد من تطبيقه في البلد المضيّف.
تأكدتُ من هذا القول عندما قال لي موظف سعودي يعمل في مستشفى بالرياض إن شخصًا أمريكيًّا واجه إجراءً ورقيًّا مطوَّلًا بعض الشيء وقال للموظفين: إذا لم تنتهِ قضيتي فسأكتب إلي (ماي سيناتور). senator أي: نائبي.
وقرأتُ عن أن أمريكيًّا يعمل في بلادنا تسبب في حادث سير ورفض التوقيع على أي أوراق رسمية من جهات حكومية باشرت الحادث، حيث تفاجأ منقذو الإسعاف برفض الأمريكي توقيع نموذج رسمي «إخلاء مسؤولية» لرفضه الخدمة الطبية، على الرغم من أن النموذج مترجم إلى الإنجليزية إلا أنه رفض مجرد قراءته أو حتى النظر للنموذج أو الاستماع لأي شخص مكتفيًا بالتحدث لجهة عمله عبر الجوال مطالبًا بسرعة حضور«محام»»!
وحاول بعض الحضور من المواطنين إفهامه أهمية التوقيع؛ لأنه لن يذهب إلى محكمة بل إلى الإسعاف فقط؛ ليتسنى للإسعاف مغادرة الموقع وحدثت ملاسنة؛ حيث وبّخ الأمريكي المواطن بقوله (هش).
وكاد الأمر يقود إلى تشابك بالأيدي لولا تدخّل آخرين. وحضرت دوريات الأمن والمرور وتم تثبيت الخطأ على الأمريكي 100%؛ حيث دخل بسيارته من طريق فرعي إلى عرض طريق رئيس نتج عنه تصادم شنيع دوّى صداه بالمنطقة، حيث تعرّض قائد السيارة الأخرى إلى إصابات ودوخة وعدم تركيز.
تصرّف مثل هذا نستكثره على فرد من قوم يرون في أنفسهم قمة في الحضارة والتقدم.