أرجوكم لا تستغربوا هذا العنوان، سأخبركم مباشرة بمقصود منه، باختصار والدتي «غفر الله لها ولأموات المسلمين» صالحة بنت حسين سيدة من نساء الزمن الجميل في كل شيء. لم تدرس، وتحفظ ما يُعينها على أداء واجباتها الدينية من القرآن، لم تتعرّف على وسائل التربية، كما يقولون، وربّت أولادها على الحب والعدل، والخير والجمال. كانت «غفر الله لها» تعبّر عمّا تسمع وما ترى من مواقف بعباراتها الخاصة التي اكتسبتها من محيطها اللغوي، فعندما تسمع عن خبر غير مألوف، أو خارق للعادة، والطبيعة المعروفة بين الناس كانت تردد
* «يا الله أن حِنْ في وزاك».
والمعنى واضح، تسأل الله أن تكون هي ومَن معها في حماية ورعاية الله الواسعة، وهذا تعبير عن أنها استمعت لشيء غير مألوف، بل قد يكون شديد الغرابة وغير مبرَّر.
تذكّرت كل ذلك عندما أعلن فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية موافقته على قرار رئاسي يطبّق على كامل التراب الأمريكي يجيز لأبناء الجنس الواحد الارتباط ببعضهم كأزواج. وكدت لا أصدق نفسي والرجل السبعيني يعلن ذلك من البيت الأبيض، وقلت بأعلى صوتي كما كانت تقول والدتي:
* «يا الله إن حِنْ في وزاك».
لم أجد أفضل ولا أدق من هذا التعبير الكبير وفخامة رئيس أقوى دولة في المنظومة الدولية يقول إن بلاده وشعبه «أمة مثلية»..
في بعض البلدان تتشكل الذهنية السياسية والاجتماعية والأخلاقية أحيانًا على مفهوم واحد هو القدرة على الفعل، وهذا المفهوم خطير إن لم يشذب، ويهذب. بمعنى أنه ليس بالقوة واختبار قدرتنا على الإنجاز نستطيع فعل كل شيء. هناك أمور تخضع لنواميس العقل، والمنطق، والفطرة، والطبيعة السوية، ومحاربة هذه المنظومة القيمية والأخلاقية معركة خاسرة، حيث سيجد مَن يعاند نفسه، ويعاند الطبيعة، بحجة التحرر والوصول لأقصى درجات الحرية الفردية المزعومة خاسرًا في نهاية المطاف. الأمريكان أمة قوة، وأمة عمل، وأمة نجاحات مادية، هذا أمر لا يمكن لأحد مقارعتهم فيه، لكنهم أمة ذهبت بها بعض المفاهيم لمخالفة نواميس الحياة وهدم البنية الطبيعية، والأخلاقية التي تبني القوة في الأساس. بعبارات أخرى.. ما يحدث اليوم في أمريكا وبنص القانون يهدم بنية المجتمع التقليدية في العالم وهي الأسرة تركيبتها الأساسية. وتخيّلوا مع هذا التخريب القانوني للفطرة والطبيعة البشرية كيف ستغدو حياة الناس في أمريكا خلال بضعة عقود قادمة، كل شيء جيد سيتقلص، وكل شيء سيئ سيتضاعف، وحتى القوة قد تذهب مع غياب نواة بناء المجتمع، والله المستعان.