الحديث عن أهمية لم الشمل العربي والعمل على توحيد المواقف أو تقاربها على الأقل بين الدول العربية، ربما يكون أحد الموضوعات التي تشغل الشعوب العربية كافة، لا سيما وأن البعض قد عانى من الخلافات التي عانت بعض الشعوب العربية من عواقبها خسارة في الأرواح والممتلكات وانعداماً في الأمن والأمان وشتاتاً وهجرة لملايين من المواطنين العرب بعيداً عن أوطانهم، ولا نكاد نجد مسؤولاً عربياً أو صحيفة أو مؤتمراً أو لقاءً إلا ويدعو إلى الخروج من هذا المأزق لما هو أفضل، وآخر هذه الدعوات هي تلك التي أطلقها خطيب عرفة في حج هذا العام من مسجد نمرة، والتي دعا فيها إلى الاجتماع ونبذ الفرقة وتوحيد الصف والكلمة، ونهى عن التفرق والخلافات.. ولا عجب أن تأتي هذه الدعوة من المملكة العربية السعودية التي كانت دائماً حريصة على اجتماع الشمل، وهي التي تعلق عليها الشعوب العربية الآمال في مواصلة الجهود التي ضاعفت منها وواصلتها بدءاً من عقد القمة العربية في جدة خلال الشهر الماضي، وحرص القيادة السعودية على حضور كافة البلاد العربية في هذه القمة، بما في ذلك سوريا التي كانت مشاركتها معلقةً طوال أكثر من عقد من الزمان، والجهود التي بذلتها الدبلوماسية السعودية قبل القمة وتواصلت بعدها للوصول إلى حل المشاكل في سوريا وعودة الاستقرار والمهجرين، وتشجيع الأطراف المتنازعة في اليمن الشقيق على حل خلافاتهم فيما بينهم، واستعداد المملكة لبذل أقصى المستطاع لوصول هذه الأطراف إلى حل يقبله الشعب اليمني، ويعيد إلى بلاده الأمن والسلام والاستقرار واستمرار الجهود السعودية التي لم تتوقف يوماً عن مد يد العون لليمن الشقيق للإعمار والبناء في كافة المجالات.. ويأتي في هذا السياق أيضاً سعي المملكة لوضع حد للخلافات مع دول إقليمية مهمة في المنطقة وفي مقدمتها إيران وتركيا، يؤكد مرة أخرى أن أي استقرار في المنطقة وأي حلول لمشاكلها لا بد أن يكون من البوابة السعودية، لأنها القوة السياسية والاقتصادية والمعنوية لشعوب المنطقة الإسلامية والعربية وهي قادرة بما تتمتع به قيادتها من ثقة وقدرة وحنكة على وضع حد للخلافات وتقريب وجهات النظر وإيجاد الحلول التي تتطلع لها شعوب المنطقة، وهي بذلك تساهم بشكل مباشر في تحقيق مصلحة عالمية كبرى، لأن استقرار هذه المنطقة بما لديها من موقع إستراتيجي مؤثر أو ما لديها من موارد اقتصادية وممرات مائية وأجواء تصل بين طرفي العالم يظل لها تأثير كبير في استقرار العالم وتطوره اقتصادياً وحماية مصالح الأمم كافة، ويعزز دور المملكة في ذلك قدرة قيادتها على إقامة علاقات متوازنة مع كافة القوى العالمية في الغرب والشرق، والتي وطدتها هذه القيادة الميمونة مع الصين وروسيا، إضافة لعلاقاتها الإستراتيجية التاريخية مع أوروبا وأمريكا وهي قادرة –بإذن الله- على لم الشمل العربي، ووضع حد للفرقة والخلاف وعلى خدمة الأمن والسلم الدوليين... وإن غداً لناظره قريب.