سئل أحد كبار السن: لماذا لا تسافر في الصيف؟
قال: ولماذا أسافر؟
قيل: لأنه حر!
قال: ومتى كان الصيف برداً؟! انتظر في بيتك وسيأتيك الشتاء.
وقال الآخر: هل تريدني أن أترك بيتي؟ وأسافر لأستأجر شقة؟!
لا أؤيد وجهتي النظر السابقتين تماماً، فلا بد من سفر الصيف حسب القناعات والقدرة، وفيه من الفوائد تسلية هم وصحبة ماجد، ولكن أيضاً هناك تطرف في موضوع سفر الصيف لدى البعض، حتى اعتبروه ضرورة من الضرورات التي لا يمكن الاستغناء عنها، فمَن لم يسافر في الصيف قد يتهم بكل نقيصة، ليس أقلها البخل وليس أعلاها التشدد والانغلاق.
ولذلك تجد الزوجة تتذمر من زوجها الذي لا يمتلك القدرة على السفر بهم مثل غيرهم، وقد تفارقه عندما تُعمي عينيها عما تملكه، والأبناء يشنون حرباً شعواء لا هوادة فيها على والديهم، عندما لا يسافرون إلى الجهة التي يرغبون بها، أو جاؤوها من قبل، وآخر شيء لديهم مراعاة ظروف الوالد وقدراته وارتباطاته.
يجب أن نعيد الأمور إلى نصابها إن أردنا حياة آمنة وبيوتاً مطمئنة، فلا نسمح للأمور بأن تنقلب على من حرص على الترويح عن أبنائه طوال الأعوام السابقة، ولكنه هذا العام لم يستطع لأي ظرف من الظروف، أو حتى قرر الجلوس في بيته وبالقرب من عائلته بلا سبب محدد.
وأعتقد أن ذلك يكون بعلاقة أقوى بين الوالد وأهل بيته، تقوم على المصارحة بين الطرفين، وتدرك الزوجة والأبناء أنهم جزء من العائلة، وليسوا عملاء فقط يبحثون عن الخدمات المقدمة في بيوتهم.
وأيضاً القضاء على ما يثير هذه الأمور لديهم، وعلى رأسها إدخال النفس في دوامة المقارنات بمن سافرت وسافر، وكوننا لسنا أنقص منهم، وهذه تحتاج إلى تنمية الثقة بالنفس ومراجعة أسس المقارنة الصحيحة، ولا أعتقد أن الملبس والمشرب ووجهة السفر مما يستحق المقارنة به.
وأيضاً بتوضيح مغزى السفر، فإن كان للترويح عن النفس، لا يمكن أن يكون الترويح بأخذ الديون التي تثقل الكاهل وتسعد -إن أسعدت- شهراً وتحطم باقي أيام السنة.
أناس كثر لا يعرفون السفر في الصيف، ومع ذلك لم يصابوا بالأمراض النفسية والقلق، بل قد يكونون أسعد من المسافرين، ولذلك يجب أن ننظر إلى السفر على أنه حسب الاستطاعة، فمن لم يستطع فالراحة في البيت وما حوله أجمل ولا شك.
shlash2020@