في كل عام بمثل هذا الوقت، وبحكم أنني من مواليد مدينة الدمام الجميلة بوابة الخليج لوطني الحبيب، وأرض الذهب الأسود، أدرك جيدًا مدى تذمّر الناس من درجات الحرارة، وكأننا لا نلحظها ونحس بها كل عام. كل صيف نقول «وش هالحر اللي جانا»، وكأن الصيفية التي قبلها كنا نتنافس مع ديربي أبها والطائف، كل عام نفس الحرارة ونفس اللواهيب والرطوبة، بل قد تقابل شخصًا تعرفه صدفة في تمام الساعة الثانية والنصف ظهرًا، أو بالأصح قايلة ودرجة الحرارة 50 درجة مئوية، ويحدث هذا السيناريو في الشارع على الرصيف تحت أشعة الشمس مباشرة (يا هلا وسهلا حيا الله أبو فلان سلام عليكم، مع مصافحة وحضن وتقبيل، وشلونك وشلون الأهل والجماعة عساكم طيبين مبطين عنكم ما شفناكم تفضل البيت قريب فنيجيل قهوة وبيالة شاهي عالماشي)، لاحظ أن كل شيء حدث تحت لهيب الحر في الشارع، سلام ومصافحة وأحضان وعزيمة ليست على عصير بارد ولا أيس كريم ولا ميلك شيك بل على مشروب ساخن تتجاوز حرارته 80 درجة مئوية، سبحان الله وأين ذهب البكاء والشكاء والحلطمة؟ أم إنها عادة موسمية فقط اعتدنا عليها؟.
لا يكاد يخلو مجلس واقعي، بل حتى افتراضي إلا وحديث الحر والرطوبة هما عنوان الكلام دائما كل مرة، نعم الجو حار والرطوبة شديدة، ولكن هناك أيضا مكيفًا في البيت والمسجد والمكتب والسيارة والبقالة والمحلات «ولله الحمد والمنة»، كل هذا لن يجدي نفعًا، ومن الآن أبلغكم بأن الصيف القادم مثل الماضي لن يصبح ربيعا ولا شتاءً بل لواهيب تسلخ الجلد. هل الإنسان بطبعه يجيد فقط الشكوى؟ نفس الإسطوانة تعاد في الشتاء برد قارس (وش هالبرد اللي جانا) عيالنا وبزاريننا مصاخين، لا تشرب باردًا يعور حلقك وهكذا، سبحان الله في الحر عوامل التبريد موجودة وفي الشتاء عوامل التسخين والتدفئة موجودة، ولكن الحلطمة تتفوق عليهما في كل حين ومكان وزمان.
لا أقول هذا الكلام وأنا أعيش في جبال الألب ولا قمم الهيملايا، بل في كبد الحر والرطوبة، ولكن الله سبحانه جعلنا مهيئين لكل ذلك ومتعايشين معه، أنا رجل أحب الصيف وأحب الشتاء وكل الفصول أحب أجواءها وفعالياتها وكل ما يمكن أن أستمتع به خلالها. هناك أناس يريدون صيفا بدرجة حرارة تحت الصفر وشتاء فوق الثلاثين مئوية وربيعا معتدلا طويلا وخريفا كذلك، بل حتى مواسم الأمطار والخير والبركة نالها ما نالها من الحلطمة، نريد أمطارا خفيفة لا شديدة ونريد تعطيلا للدوام خلالها وهكذا تستمر المطالب صعودا دون هبوط.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل «بإذن الله»، أودعكم قائلا: (النيات الطيبة لا تخسر أبدا)، في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi