Fahad_otaish@
طالما تحدث الكثيرون عن ضرورة الملاءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل إلا أن القضية مازالت قائمة، بل وربما تزداد حدة ليس في بلادنا فقط، بل في كثير من البلاد وفي البلاد النامية على وجه الخصوص.. ومع أنه يمكن القول أن هناك إجراءات قد تم اتخاذها للحد من الفجوة بين متطلبات السوق ومخرجات التعليم، سواء من حيث إنشاء الكليات التقنية ومعاهد التدريب المهني والتوسع في قبول الطلاب في التخصصات التطبيقية، إلا أن أسباب المشكلة لا تكمن فقط في هذا الجانب، بل إن هناك الكثير من المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية وكذلك الشخصية التي مازالت تجعل هذه المشكلة قائمة، منها توجهات الطلبة أنفسهم وقدراتهم وميولهم والتصورات الذهنية لديهم ولدى آبائهم وأمهاتهم، وكذلك الذهنية التي يفكر فيها هؤلاء واستعداداتهم وميولهم، ولأن التعليم كما يقول غازي القصيبي -يرحمه الله-: «هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية» فإنه يظل أهم العوامل المؤثرة في وجود هذه الفجوة، كما يظل هو الحل لجعلها أقل وجوداً وتأثيراً، ولأن التعليم كما يقول بعض الخبراء هو إعادة قولبة التصورات الذهنية التي نستطيع من خلالها فهم أو إعطاء معنى للأشياء، فإنه يظل على المسؤولين وأصحاب القرار في مجالات التعليم والموارد البشرية والتخطيط الإستراتيجي العناية بدراسات أكثر عمقاً للمشكلة، والبحث عن أسباب عدم تحقيق الجهود الرامية إلى ردم الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل لأهدافها من كافة الجوانب، مع جعل المؤسسات التعليمية قادرة على صناعة متعلمين أكفاء يستخدمون التفكير وليس المعرفة فقط في التجديد والابتكار، وإيجاد الحلول التي تعزز دور سوق العمل في التنمية الوطنية، وذلك يكمن في الاستجابة لمتطلبات هذا السوق، ونمو هذه المتطلبات واتساعها وتنويعها كلما ساهم هذا السوق بأداء دوره في التنمية الوطنية الشاملة، وذلك يقتضي تنمية قدرات البحث والبحث الذاتي لدى المتعلمين، كما أن مسؤولية التواؤم بين مخرجات التعليم وسوق العمل لا يجب تحميلها فقط للمؤسسات التعليمية، بل إن ذلك ينبغي أن يكون مسؤولية يشارك بها القطاع الخاص والقطاع الحكومي بمؤسساته المختلفة، بحيث يتولى كل قطاع إنشاء الأكاديميات ومراكز التدريب المتخصصة بالمهن التي يحتاجها كل قطاع، ووضع المقررات العملية التطبيقية لهذه الأكاديميات والمراكز بما يلبي احتياجات هذه الجهات، والتوسع في إنشاء هذه الأكاديميات والمعاهد والمراكز، فكما تفعل وزارة الداخلية مثلاً بوجود معاهد تدريب للجوازات والجمارك لعقد دورات تدريبية لتأهيل وإعداد موظفيها، والصحة لتلبية احتياجاتها وتبادل الخبرات وفرص التدريب لمن يلتحق بهذه الأكاديميات والمراكز في كافة الجهات الأخرى، بما يساهم في صقل المهارات واكتساب الخبرات الميدانية وجعل مخرجات هذه المراكز والأكاديميات قادرة على تلبية احتياجات السوق، ومثل ذلك تحسين الصورة الذهنية لدى الخريجين، وإكسابهم الثقة بقدراتهم نتيجة إحساسهم بأنهم مؤهلون لأداء المهام التي أُعدوا لأدائها على الوجه المطلوب... مجرد أفكار لمواجهة المشكلة، يمكن الإضافة عليها والبناء على أساسها وصولاً إلى تضييق الفجوة وردم الهوة بين الاحتياجات والمخرجات والله الموفق.