لا ينفك الحديث عن المدن الذكية بحاضرها ومستقبلها، وهو بالمناسبة مصطلح جديد ظهر بظهور الثورة التقنية الجديدة والتوسع في استخدام الإنترنت والذكاء الاصطناعي، لذا فإن أي مسمى حالي للمدن الذكية لن يبقى كما هو في الدلالة على مفهومها بالمستقبل، فهذا المصطلح يعتمد اعتمادا كليا على فنون الابتكار باستخدام التقنيات المتطورة، كما أنه يؤسس بنى تحتية ذكية تقدم خدماتها للأفراد معتمدة على معايير أكثر تطورًا وابتكارًا، ترتكز في الأساس على رفع الرفاهية للفرد المواطن في هذه المدن وبالتالي تنمية الاقتصاد.
فهذه المدن المستقبلية تحتاج كذلك إلى من يعمرها لتحصد نتاجها، فهي تحتاج إلى عقول وكفاءات ومهنيين ومعماريين مهرة، لذا فهذه المدن تؤسس ليس بالبناء وحسب، بل بالتمهيد لهذه العقول عبر التعليم والتأهيل، فالقوى البشرية هي أهم الموارد وأهم اللوجستيات التي ترتكز عليها مشاريع المدن الذكية المستقبلية، لأنها ستحتاج إلى فنون الابتكار والتطور ومواكبة العصر والتغيير، وتوفير كل ما يؤهلها لتكون بهذه الصورة والتجدد مع كل جيل.
كانت المدن -التقليدية في السابق لا تحتاج إلا لبنى تحتية وخدماتية وتعمير لائق وسكن جيد لتبقى لفترة تطول بطول الأجيال فيها، ولكن مع مفهوم المدن الذكية التي تؤسس لتكون مدنا اقتصادية تعتمد على التكنولوجيا والتقنية والذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء والواقع المعزز، إنها تحتاج إلى أن تتجدد بناها التحتية مع كل جديد في هذا المجال لتبقي على تفردها في كونها أكثر المدن المتطورة كفاءة، كما أنها ستوفر خدماتها «الذكية» كذلك كالأنظمة الذكية والمنازل الذكية، والمباني الذكية، والتعليم المدرسي والجامعي الذكي، والمستشفيات الذكية، والصحة الإلكترونية، والمعالجة والتعليم وتوفير الخدمات الأساسية عن بعد، والنقل الذكي، والتسوق الذكي، والتجارة الذكية، والصناعة الذكية، والزراعة الذكية، وإدارة الشوارع والمرور الذكية، وإدارة المياه الذكية، وإدارة النفايات الذكية، ومعالجة الطوارئ الذكية..الخ، بدورها ستحتاج إلى أساسيات متطورة وذكية، كذلك كالحكومة الإلكترونية الذكية ليس بالمفهوم الحالي بل المطور، وربما بمساعدة الواقع المعزز أو الروبوتات، وإلى الخدمات اللوجستية للمدينة، ودعم التحسينات والإصلاحات واتخاذ القرار المشترك، عبر حكومة المفتوحة لتلك المدن التي تعتمد على الشراكات الذكية، والخدمات الذكية، لذا ستعمد إلى إشراك المواطنين ومشاركتهم، وسيكون للرأي العام صوت معزز لكل القرارات النافذة فيها، والسعي للإدماج الاجتماعي، والى الإنتاج المشترك، فالمدن هذه تبنى وهدفها الرئيسي هو التركيز على المواطن ورفاهيته، لذا ستكون مشاركة المواطنين أولوية عبرها، وستكون هناك الحوكمة المطورة التي تدار عبر التطبيقات، وتهدف إلى التواصل واستقبال شكاوى المواطنين ومعالجة تلك المشاكل بحلول مشتركة وشفافية عالية.
تستطيع أن تقول إن المدن الذكية هي حلم الأفراد، ليس فقط في التطور التقني والخدمات والرفاهية، بل حتى في التشريعات المبتكرة، والتي تعلي قيمة الفرد كشريك في هذه المدن التي أقيمت من أجله، وبالتالي تصنع لها سمعة عالمية، أنها حلم الأجيال.
@hana_maki00