يمكنني القول بثقة عالية إن وسائل التواصل الاجتماعي أزالت كثيرا من الحواجز بين الأشخاص العرب، وفي ذات الوقت بينت للبعض أفكارا خاطئة يحملها العربي في الدول التي تسمى ديمقراطية ضد إخوته في الدول العربية الأخرى. احتجت لهذه المقدمة لأنني تحدثت قبل مدة عبر واحدة من وسائل التواصل الاجتماعي عن شأن سياسي خطير في بلد عربي يقال بأنه ديمقراطي، وفوجئت برد من أحد حاملي جنسية ذلك البلد يقول لي بلغة غير ديمقراطية، وربما غير إنسانية إنه ليس من حقي كوني مواطنا من بلد غير ديمقراطي الحديث عن الديمقراطية، هذا أولا أما ثانيا فلأنني من أصول بدوية كما قال، ولا أعرف كيف توفرت له هذه المعلومة الخطيرة فلا يحق لي الحديث في الشأن السياسي عموما، وفيما يخص بلاده بشكل أدق. في الحقيقة كنت أعرف أن هناك صورا نمطية في الذهنية العربية، وأقصد بها أن كل عربي يحمل انطباعا يكاد يكون ثابتا عن شقيقه العربي، لكن لم أك أتوقع أن يصل الحد بالناس وبالناس العرب بشكل خاص إلى الحجر والمنع للآخرين من الكلام، ومن حرية التعبير، خاصة وأن من يتبنى المنع نبت في بيئة يقال إنها ديمقراطية، والديمقراطية من أبجدياتها إتاحة الفرصة للرأي الآخر، ورحابة الصدر لسماع كل الآراء. الإنسان العربي يعرف عددا من الدول العربية التي يقال إنها ديمقراطية ويكاد المرء المنصف أن يقول بأن كل التجارب العربية لم ينجح أحد، ومعيار النجاح عندي هو توفير الأمن والاستقرار وبروز التنمية وتطوير الإنسان. ولا أود تذكير الإنسان العربي أن دولة يقال بأنها ديمقراطية تعيش دور الدولة الفاشلة بامتياز التي تساقطت هياكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ودولة عربية أخرى يعرفها الجميع صدع رؤوس العرب إعلامها الرسمي بالانتخابات البرلمانية الصورية فيها في الوقت الذي يوجد على ترابها الوطني أكثر من جيش أجنبي! ليس من عادتي الشماتة في أحد وأنا هنا لا أمارسها بقدر ما أعيد التذكير بالحقائق، ومن الحقائق التي يجب ألا نغفلها في هذا السياق أن دولة عربية نجحت في تنظيم كأس العالم في العام الماضي، ودولة عربية استضافت بنجاح وبشكل مذهل فعاليات إكسبو الأخير، وأن دولة عربية تنجح بفضل الله كل عام في تنفيذ موسم حج ناجح يجمع لما يقرب من مليوني إنسان.
محك النجاح والتطور ليس الشعارات المفرغة من معناها بل العمل والإنجاز.