في حياة تملؤها التحديات، وتنغّصها الهموم، وتكدّرها المصائب، يبحث المرء عن ركن شديد يرتكز عليه ويعضده، وليس أقدر على ذلك من عضد أخ، قال «جل في علاه»: (سنشد عضدك بأخيك)، وفي التفسير الوسيط، شد العضد: كناية عن التقوية له؛ لأن اليد تشتد وتقوى، بشدة العضد وقوته، وهو من المرفق إلى الكتف.
الأخ هو سند المرء في حياته كلها، في صغره وهو يلعب، وإلى مدرسته وهو يذهب، وعند كبره حين يتعب، الأخ هبة رب العالمين، وقوة بعد الله على أعباء الدنيا به نستعين، فالغالب أن يقضي المرء وقتًا أطول في صحبة أخيه من صحبة والده؛ لذا تجده يعرف عنه الكثير، فيكون مستودع أسراره، ورفيق ذكرياته، وعونه في النكبات.
ولكوننا بشرًا نصيب أحيانا، ونخطئ أخرى، فعلينا أن نتفق أن هناك فرقًا شاسعًا بين الخلاف والاختلاف، فالأول مرفوض بالكلية، والثاني مقبول دائما ولا تفسد معه للود قضية.
وحري بنا أن نربي أبناءنا على احترام أعمامهم، ولنبعدهم عن أي موقف يسهم في تعكير صفو هذه العلاقة الثمينة، فزرعنا اليوم في أبنائنا سنجنيه غدًا عندما يمرون بنفس تجربتنا، فتدوم الألفة والمحبة بينهم، كما كانت بين والدهم وأعمامهم.
فلنعلم جميعا، أننا لا نقدر على مواجهة أمواج بحر الدنيا المتلاطمة، ولا رياحها العاصفة، إلا بعضد أخ نتكئ عليه، وصدر يضمّنا فنشعر بالراحة عندما نلجأ إليه، سل مَن فقد أبًا، كيف كان أخوه سنده وعضده بعد فقده، وسل مَن حُرم ذلك فتمنى أن يهبه رب العالمين قريبا يعتمد عليه ويشد من عزمه، فلا تجعل صديقا، مهما قرب، أقرب لك من أخيك، ولا مالا مهما كثر، أعز عليك منه، فالأخ ثروة لا تقدّر بثمن ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعوّض، ألم تقل تلك المرأة وقد حكم على زوجها وابنها وأخيها بالقتل، وخيّرها الحجاج في أن يعفو عن أحدهم فاختارت أخاها، وقالت الزوج موجود، والابن مولود، والأخ مفقود.
ختامًا، إذا دعتك نفسك للشك في تصرّف صدر من أخيك، أو حاول شيطان من الجن أو الإنس أن يغويك، فتذكر قول رب العالمين، (سنشد عضدك بأخيك).
قال ربيعة بن مقروم:
أخوك أخوك من يدنو وترجو
مودته وإن دعي استجابا
إذا حاربت حارب من تعاد
وزاد سلاحه منك اقترابا
يواسي في الكريهة كل يوم
إذا ما مضلع الحدثان نابا