أقرت الحكومة السعودية ضمن رؤية 2030 خطة طموحة لخفض نسبة البطالة، وقد وضعت بذلك تحديًّا كبيرًا لمؤسسات الدولة والقطاع الخاص على حدٍّ سواء، وقد واجهت مستهدفات الرؤية في ملف البطالة الكثير من التشكيك نظرًا لارتفاع البطالة حينها، والتي اقتربت من حاجز 12% ولصعوبة المستهدف البالغ 7% في بلد تمثل فئة الشباب أكثر من 60% والذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا؛ مما يساهم في ازدياد المنضمين لسوق العمل سنويًّا.
وللإنصاف فإن تحديد المستهدفات المنخفضة رغم التحديات هو أمر يُحسب للحكومة السعودية؛ حيث لو كان الأمر مجرد تسويق أو لتحقيق مكتسبات إعلامية لوضعت خطة قابلة للتحقيق بسهولة ورصدت مستهدفات بنسب أقل لخفض المجهود، وضمان ادعاء النجاح، لكن صعوبة المستهدفات في الخُطط الإستراتيجية للدول تعني الجدية والصرامة، وأنه لا مكان للإخفاق «بإذن الله»، وأن المطلوب من الوزراء والمسؤولين وكافة المعنيين تحقيق الأهداف أو ترك المهمة لمَن يستطيع.
وقد قدّمت الدولة الكثير من الدعم للقطاع الخاص للنهوض به ومعالجة التشوهات، وكذلك مراجعة القرارات من وقتٍ لآخر بعد دراسة تأثيرها على القطاع، وهو جهد لا يمكن تجاهله، ويتبقى دور المؤسسات الحكومية في تعزيز هذا الجهد والاهتمام وتحويله إلى واقع.
ومن أهم القضايا التي يجب التركيز عليها هو ما يتعلق بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي تُعد الرافد الأول في معظم دول العالم في توليد الوظائف والتي أرى أنها حتى الآن لم تأخذ الحيّز المناسب من قِبَل بعض الوزارات والتي تتعامل معها بطريقة تقريبًا مشابهة للشركات الأخرى، وهو ما لا يساعد على نمو هذه المنشآت لتتحول إلى نطاق الشركات الكبيرة والعملاقة.
علمًا بأن الدراسات أثبتت أن هذه المنشآت تُعدّ رافدًا كبيرًا ومهمًّا لفرص التوظيف أكثر مما هي عليه الشركات الكبرى، كما أثبتت أن الاقتصاد يتعافى أسرع وينمو بوتيرة أعلى في الدول التي تهتم بشكل أدق في المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وعليه، فيجب على الجهات أن تخلق بيئة مناسبة تساهم أولًا في نشوء كيانات صغيرة ومتوسطة، ومن ثم بيئة مناسبة تساهم في نمو هذه الكيانات.
@harbimm