قبل سنوات قليلة، كان الحديث عن السياحة الداخلية في السعودية خجولًا ويحتاج إلى كثير من الحجج لإقناع المتلقي لتغيير وجهة سفره السياحية؛ لتكون إلى مناطق داخل المملكة، لكن السنوات الأخيرة شهدت إقبالاً منقطع النظير من المواطنين على قضاء عطلاتهم في مناطق المملكة التي كلما زارها الزائر اكتشف ما لم يكن يعرفه عنها؛ لأن زيارة هذه المناطق تُتيح التعرف على كثير من الأماكن وعلى الكنوز الطبيعية التي تحويها مناطق كأبها والباحة وعسير والطائف وجدة، وقد ساعد على ذلك المشاريع التي قامت في هذه المناطق خاصة في مجال الطرق والمطارات وإنشاء المتنزهات في الغابات والمرتفعات وكذلك المشاريع التي وفرت الفنادق والشقق المفروشة، إضافة إلى البرامج الترويحية التي أصبحت تقام في أكثر من مكان، ومنها الرحلات البحرية إلى جزيرة فرسان ومناطق البحر الأحمر؛ مما ضاعف عدد الزوار من داخل المملكة بل والسائحين من خارجها وزاد من تنافسية المملكة في هذا القطاع، حيث قفزت عام 2022 إلى المرتبة الحادية والعشرين عالميًّا في تقرير (آي إم بي) بعد أن كانت في المرتبة 36 عام 2019 إضافة إلى ما تضمنته رؤية 2030 الهادفة إلى زيادة العدد إلى مائة مليون زائر سنويًّا وزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي إلى ما يعادل 15% سنويًّا، حيث اعتبرت القطاع السياحي أحد المحاور الرئيسية لتحقيق الرؤية المستقبلية للمملكة يساعد ذلك تمتع بلادنا بالمقومات الطبيعية والتاريخية التي تجعلها مقصدًا للسياح من جميع أنحاء العالم. فقد استقطبت المملكة حوالي 18 مليون سائح في التسعة الأشهر الأولى من العام 2020، وبذلك تصدَّرت الدول العربية الأكثر جذبًا للسياح، وسوف تساعد الجهود الرامية إلى تطوير القطاع السياحي على استقطاب مزيدٍ من السياح والزوار الذين شهدت أعدادهم هذا العام زيادات واضحة، خاصة أن النصف الأول من العام 2022 شهد وصول أعداد كبيرة من السائحين من أوروبا.
أما السياحة الداخلية فإن المستهدف أن يشكل السياح من داخل المملكة 45% من السياح عام 2030 من العدد الإجمالي المستهدف، وهو مئة مليون سائح، لا سيما أنه يتم الإعلان عن مزيدٍ من الوجهات السياحية في مناطق البحر الأحمر وشمال المملكة، كما يتم تشجيع الاستثمار السياحي، كما أن الزوار يساهمون بالحديث عن تجربتهم في الدعاية إلى زيارة هذه الأماكن؛ مما يُبشر بنتائج أكثر تأثيرًا، وبمزيد من النمو في هذا القطاع ومساهمته في الناتج المحلي وتعدد الموارد واستدامتها - بإذن الله-.. ويظل دور المواطن هامًّا في تعزيز جهود الدولة في تطوير القطاع السياحي، وتنميته، سواء من حيث استبدال رحلات السفر الخارجية بالرحلات الداخلية إلى مناطق المملكة السياحية أو بالاستثمار في المجال السياحي أو التعريف بالإمكانات الطبيعية والتراثية والتاريخية للمواقع السياحية في المملكة، وهو واجب لا نشك أبدًا في أن المواطن السعودي يدركه ويؤديه حُبًّا وانتماءً وخدمة للوطن والمواطن.