خفضت وكالة التصنيف الائتماني، "فيتش" التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأمريكية، في خطوة أثارت حفيظة وغضب البيت الأبيض وفاجأت المستثمرين، لكنها لن تؤثر بقوة على أسواق الديون، بسبب ارتباطها بالدولار الأمريكي، وهو العملة الاحتياطية العالمية الأولى، وفق ما ذكرت صحيفة ذا جارديان البريطانية، في الموضوع الذي ترجمت "اليوم" أبرز ما جاء فيه.
قالت الصحيفة: "خفضت وكالة فيتش تصنيف الولايات المتحدة إلى AA + من AAA، مستشهدة بالتدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ومفاوضات الحد الأقصى للديون المتكررة التي تهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها".
كانت فيتش قد أشارت قبل ذلك إلى إمكانية خفض التصنيف الائتماني لأمريكا في مايو، وسط مفاوضات سقف الديون الأمريكية، ثم حافظت على هذا رأيها في يونيو بعد حل الأزمة، قائلة إنها تعتزم النظر في المراجعة في الربع الثالث من هذا العام، ما يعني أن خطوتها هذه جاءت استباقية، ولم تأتي بانتهاء الربع الثالث في سبتمبر مثلا.
بعد الإعلان عن التخفيض من قبل فيتش، انخفض الدولار أمام مجموعة من العملات، وانخفضت العقود الآجلة للأسهم، بينما ارتفعت العقود الآجلة للخزانة. لكن العديد من المستثمرين والمحللين قالوا إنهم يتوقعون أن يكون تأثير خفض التصنيف محدودًا.
ونتيجة لذلك، انخفض الدولار في مقابل ارتفاع اليورو نحو 1.10 دولار، حيث كان قد ارتفع اليورو في أحدث تداول 0.11% ليصل إلى 1.0996 دولار بعدما لامس في وقت سابق أعلى مستوى له في الجلسة عند 1.1020 دولار.
وتأتي هذه الخطوة على الرغم من حل أزمة سقف الديون الأمريكية قبل شهرين. وتوصل الرئيس الأمريكي جو بايدن ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى اتفاق بشأن سقف الديون في مايو بعد شهور من سياسة حافة الهاوية. ورفعت الصفقة حد الاقتراض الحكومي البالغ 31.4 تريليون دولار.
وقالت وكالة التصنيف في بيان: "من وجهة نظر فيتش، فهناك تدهور مطرد في معايير الحوكمة على مدار العشرين عامًا الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون، وذلك على الرغم من اتفاق يونيو لتعليق حد الدين حتى يناير 2025".
وأضافت فيتش: "المواجهات السياسية المتكررة للحد من الديون وقرارات اللحظة الأخيرة قوضت الثقة في الإدارة المالية". حول ذلك، قالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، إنها لا توافق على تخفيض تصنيف فيتش، في بيان لها، وصفت فيه خطوة فيتش بأنها "تعسفية وتستند إلى بيانات قديمة". وكان للبيت الأبيض وجهة نظر مماثلة، حيث قال إنه "لا يتفق بشدة مع هذا القرار".
وقالت كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض: "إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة يتحدى الواقع في الوقت الذي حقق فيه الرئيس بايدن أقوى انتعاش لأي اقتصاد رئيسي في العالم".
يستخدم المستثمرون التصنيفات الائتمانية لتقييم ملف المخاطر للشركات والحكومات عندما يقومون بجمع التمويل في أسواق رأس المال للديون. وبشكل عام، كلما انخفض تصنيف المقترض، ارتفعت تكاليف تمويله.
حول ذلك، قال كيث ليرنر، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة " ترأست آدفيسوري سيرفيس"، التي يوجد مقرها في أتلانتا بأمريكا: "كان هذا غير متوقع، لكن فيما يتعلق بتأثير ذلك على السوق، فهو أمر غير مؤكد الآن. السوق في مرحلة يكون فيها عرضة إلى حد ما للأخبار السيئة".
ارتفعت العقود الآجلة للخزانة لأجل 10 سنوات بشكل طفيف، مما يشير إلى انخفاض العائد، بينما انخفض الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية بعد الإعلان. ويتوقع تراجع الأسهم كذلك.
وفي أزمة سقف الديون السابقة في عام 2011، خفضت ستاندرد آند بورز التصنيف الأمريكي الأعلى AAA بمقدار درجة واحدة بعد أيام قليلة من صفقة سقف الديون، مستشهدة بالاستقطاب السياسي والخطوات غير الكافية لتصحيح التوقعات المالية للدولة.. لكن لا يزال تصنيفها "A-plus" - ثاني أعلى تصنيف لها.
بعد هذا التخفيض، تراجعت الأسهم الأمريكية وظهر تأثير خفض التصنيف في أسواق الأسهم العالمية، التي كانت في ذلك الوقت بالفعل في خضم الانهيار المالي في منطقة اليورو.
ومن المفارقات أن أسعار سندات الخزانة الأمريكية ارتفعت. وقال إد ميلز المحلل في شركة "ريموند جيمس"، إنه لا يتوقع استجابة الأسواق بشكل كبير للأخبار. وردد آخرون وجهات نظر مماثلة.
فيما قال محمد العريان، الخبير الاقتصادي العالمي ورئيس كلية "كوينز"، في منشور على موقع لينكد إن: "بشكل عام، من المرجح أن يتم رفض هذا الإعلان أكثر من أن يكون له تأثير تخريبي دائم على الاقتصاد والأسواق الأمريكية".