يتحدث جراح المخ وعالِم الأعصاب الأمريكي راهول جانديا، عما يمكن للعقل أن يفعله، فيقول: عندما كنتُ أعمل في عيادة لمرضى الزهايمر، وأنا أحاول الالتحاق بكلية الطب، وجدت أنه ومن حين إلى آخر، يصاب كبار السن بالخرف، وهو تلاشي أجزاء من الدماغ حرفياً، وليس تلاشي تفكير أو إشارات كهربائية، ويُعد ذلك أمرا طبيعيا، لكن الغريب، هو ظهور قدرات خفية لدى كبار السن لم تكن موجودة قبل ذلك.
ويعني ذلك أنك عندما تقوم بالتفكير بشيء يصعب عليك القيام به، فإن ذلك يُعد أمراً صحياً لعقلك، فلو قدّر لك أن تسأل بولت، وهو أسرع رجل في العالم، كيف يمكنني الحصول على أرجل قوية للركض، فسيقول بكل بساطة عليك أن تركض.
والعقل، كذلك، يحتاج إلى رياضة خاصة، ألا وهي رياضة التفكير، والتي تسمى بقوة النمو الذاتي، فالعقل عبارة عن آلة تفكير إذا صح القول، فهو يزن قرابة كيلو ونصف، ولا يستخدم منه إلا ٢٠ ٪ تقريبا، وإذا لم تستخدم عددا من أجزائه فسيبرمج نفسه على السماح لتلك الأجزاء بالتلاشي، لذا فالحرص على تنوّع التفكير، والتفكير بعمق أكثر، ولو برفع مستوى التفكير بقدر واحد، أكثر مما اعتدت عليه، هو الطريقة المُثلى، للحفاظ على ازدهار الدماغ بأكمله، فهو على سبيل المثال، كالحديقة، التي كلما اعتنيت بكل جوانبها، أزهرت وغدت أكثر نضارة وخضرة.
ومن الأساليب المعينة على تقوية العقل على سبيل المثال، استخدام اليد اليسرى في عمل بعض الأعمال، كاستخدام فارة الكمبيوتر أو الهاتف باليد اليسرى؛ لأن ذلك يساعد على تنشيط الجزء الأيمن من الدماغ، ومن ذلك أيضًا، العودة إلى وصف الأماكن، عبر ملاحظة المعالم المحيطة، بدلاً من الاعتماد على خرائط جوجل؛ لأن ذلك ينشط الوعي المكاني، مع أنه السائد لدينا الآن مع الأسف، عندما تقوم بوصف مكان ما لشخص أن يقول لك: (يا خوي لا تكثر الهذرة، أرسل لي اللوكيشن).
إن تدريب الدماغ لا يجب أن يكون لعبة غريبة، بل على العكس تمامًا، ينبغي أن يكون بديهيًّا، وأن يكون نوعًا من التعلم السهل، عبر إضافة عادات جديدة، بشكل مناسب، ودون إجهاد كبير، لكي يصبح التغيير مقبولًا ومستمرًّا، مثله تمامًا كما يحصل في الألعاب الإلكترونية، حيث يطلب منك اجتياز مرحلة واحدة في كل مرة، وليس عدة مراحل في مرة واحدة.
أخيرًا، الدماغ يحتاج إلى تغذية، وأهم العناصر المفيدة له، هو الأوميجا ٣؛ لذا ينصح الدكتور بتناول السالمون مرتين في الأسبوع، أو الحصول على ذلك من المكملات الغذائية، فالطعام يغيّر العقل، والعقل هو الكهرباء التي تشعّ من خلال هذا الجسد، وبهذه الفرضية، يمكن القول إن الحمية العقلية ستسهم في منع الخرف، والتمتع بعقل متزن إلى مدة طويلة من عمرك.
يقول رالف والدو إمرسون:
بناء التركيز يحتاج إلى وقت وتمرين.