@shujaa_albogmi
هل الاقتصاد العالمي في أفضل حال: الإجابة طبعا (لا)، هل معدلات الطلب على النفط في أفضل حال الإجابة أيضا (لا)، ومع ذلك حققت الميزانية السعودية في الربع الثاني من عام 2023 أداء جيدا للغاية يعكس مدى قدرة المملكة على مواجهة الظروف الراهنة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، من خلال الكثير من الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تم العمل عليها في السنوات القليلة الماضية.
وقبل الحديث عن أرقام ميزانية الربع الثاني التي سجلت عجزا طفيفا، من المهم الإشارة إلى أنه تتويجا لجهود حكومة المملكة في تنمية وتعزيز الإيرادات غير النفطية والتي انعكس نموها المستمر والمستدام بسبب الإصلاحات الهيكلية ضمن رؤية المملكة 2030، ارتفعت الإيرادات غير النفطية بحوالي 13% (15.1 مليار ريال) مسجلة 135.1 مليار ريال مقابل 120 مليار ريال للفترة ذاتها من العام السابق.
وارتفع إجمالي النفقات بمقدار 9% (27.6 مليار ريال) مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق للربع الثاني ويعزى ذلك لارتفاع النفقات التشغيلية بمقدار 8% (20.1 مليار) والنفقات الرأسمالية بنسبة 21% (7.5 مليار ريال)، كما بلغ المنصرف حتى الربع الثاني حوالي 54% من إجمالي الميزانية المعتمدة، ويعود ذلك إلى سعي الحكومة الواضح لمواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع والإستراتيجيات الداعمة للنمو وتوسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية، وتحقيق التنمية الشاملة بوتيرة متسارعة، وذلك في ظل المساحة المالية المتاحة، مع مراعاة مبادئ الاستدامة المالية والحفاظ على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية.
وتظهر نتائج تقرير ميزانية الربع الثاني من 2023 أن المالية العامة في مسار جيد من حيث تحقيق مستهدفاتها وهذا ما عكسته المؤشرات المالية من استمرار ارتفاع الإيرادات غير النفطية نتيجة الانتعاش الاقتصادي، وكذلك وجود مستويات مطمئنة من الاحتياطيات المالية، وحجم دين عام يعد منخفضا ومستداما مقارنة بدول مجموعة العشرين.
وحين نأخذ في الاعتبار سعي المملكة لتحقيق مستهدفاتها الاقتصادية الطموحة في ظل رؤية المملكة 2030... حقق الأداء الفعلي للربع الثاني من العام 2023 عجزا بحوالي (5.3 مليار ريال)، نتيجة لانخفاض الإيرادات بحوالي 15% (55.5 مليار ريال) ويعود ذلك إلى تراجع أسعار النفط في ظل ارتفاع المصروفات بمقدار 9%، مما يؤكد توجه المالية العامة في تبني سياسات مالية تسعى بشكل متوازن ما بين تعظيم الأثر الاقتصادي من خلال التوسع في الإنفاق على المشاريع والبرامج والإستراتيجيات المعززة للتنوع الاقتصادي والاستدامة المالية.
وأكدت مصروفات الربع الثاني من ميزانية عام 2023م، أهمية البعد الاجتماعي حيث ارتفعت مصروفات المنافع الاجتماعية بنسبة 33% لتصل إلى 39 مليار ريال مقابل 29.3 مليار ريال للفترة ذاتها من العام 2022.
ويشير ارتفاع النفقات للربع الثاني لعام 2023 مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2022 إلى استمرار التدفق المالي الحكومي لمشاريع الدولة التنموية، وتنامي الإنفاق على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتطوير البنية التحتية، ودعم برامج الحماية الاجتماعية، مثل: حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، والسعودية الخضراء، وغيرها من المشاريع التي ستحدث نهضة تنموية في قطاعها.
ختاما من المهم الإشارة إلى أن برنامج الاستدامة المالية لا يستهدف تحقيق عجز أو فائض في الميزانية، بل التركيز يكون على الاستدامة المالية متوسطة وطويلة المدى، وكذلك التوسع في الإنفاق على البرامج والمشاريع والإستراتيجيات الداعمة للنمو والتنوع الاقتصادي في ظل رؤية المملكة 2030.