الطلاق وما يترتب عليه من فسخ العلاقات الزوجية وتفكك الروابط الأسرية، أمر يبعث على القلق، أما ارتفاع عدد حالات الطلاق فهو أمر يثير درجة أعلى من المخاوف؛ لما يترتب عليه من تزايد الأبناء الذين يُحرمون من رعاية الآباء وحنان الأمهات وتتأثر حالاتهم النفسية في الخلافات، خاصة حينما يبالغ الوالدان في الخصام، ولذلك فإن آخر إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، والتي أظهرت أن نسبة الطلاق بلغت حوالي 14%، هي أمر يجب معه الإسراع إلى دراسة أسباب هذا الارتفاع، ووضع الحلول التي يمكن أن تعود بهذه النسبة إلى معدلاتها الطبيعية؛ حيث إنه من غير المعقول التطلع إلى القضاء على هذا الأمر؛ لأن أبغض الحلال يكون هو الحل الوحيد في بعض حالات الخلاف.
وتتنوع أسباب الطلاق كما تتنوع الفئات العمرية التي تحدث فيها نسب أعلى وهي الفترة التي تقع بين 25-39 عاماً كما تظهر الإحصائيات.
أما أسباب الطلاق فمن أهمها استخدام العنف في العلاقة بين الزوجين نفسياً أم جسدياً، وانعدام التفاهم والإهمال وتسرب الملل للحياة الزوجية، والتفاوت في المستوى التعليمي والثقافي، وتدخّل الأهل، والعقم والأمراض التي يصاب بها أحدهما، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي قد أصبحت سبباً هاماً للطلاق.
وعودة إلى الارتفاع الذي شهدته نسبة الطلاق في المملكة مؤخراً والتي يظهر فيها أن حوالي 80% من صكوك الطلاق خلال عام وعددها 75 ألفاً هي بين زوجين سعوديين، فيما كان طرفا الزواج في الحالات الأخرى غير سعوديين أو أن أحدهما غير سعودي؛ هذه النسبة المرتفعة من حالات الطلاق توجب البحث عن حلول استباقية، بحيث يراعى عند اختيار الشريك ألا تكون أسباب الطلاق محتملة، وهو ما يمكن معرفته باستقراء حالات الطلاق السابقة، وتجنب أسبابها، وهذا الأمر ليس مسؤولية الجهات الرسمية فقط، بل مسؤولية تشترك فيها الأسر والمؤسسات الاجتماعية والتربوية والإعلامية والتي من واجبها الحد من أسباب الخلافات التي تؤدي إلى الطلاق؛ لأنها جميعاً تتحمّل الآثار الناجمة عن الطلاق والقيام بما يوجبه من رعاية الأبناء وحمايتهم مما يقع عليهم من الآثار السلبية التي يكون لها أسوأ الأثر في سلوكهم ومستقبلهم وتوازن شخصياتهم النفسي، بل وانحراف البعض منهم -لا سمح الله-، مما يؤكد أن رعايتهم هي من الإجراءات الوقائية لحماية المجتمع، كما هي من أساليب حماية الأسر واستقرارها.. فهل يقوم كل منا بواجبه لمواجهة هذه المشكلة حتى لا تتحول إلى ظاهرة -لا سمح الله-؟!