تلقيتُ خبرًا، الأسبوع الماضي، آلمني، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فما علينا إلا أن نترحّم على الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الحمدان، صاحب الأيادي البيضاء والرأي الاقتصادي الفذ.
لم أكن أعرفه إلى أن قادتني الصُّدف وأواصر الرحم لأن أتعرّف عليه، فما أن سمع بوجودي بمدينة جدة إلا أن أصرّ على أن يحتفي بي من كرمه، كما كانت طبيعته، ولم تكن الأخيرة، فقد التقيتُ بعدها به عدة مرات، إحداها كانت من خلال إحدى الزيارات العابرة لمكتبه، وأذهلني ما شاهدتُ من أعداد كبيرة من الأسر العفيفة التي دأب على مساعدتهم.
وقد قال الله «سبحانه وتعالى» في محكم آياته ممن أنعم الله عليهم في سورة الذاريات: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)، هكذا تصوّرت ما شاهدت من موقف. فلم أرَ يوم زرته أن رد أحدًا على كثرتهم، وذلك من فضل الله ومَنّه عليه.
وكنا عندما نلتقي على الدوام نتناقش في أمور اقتصادية عامة، وكان صائبًا راجح الفكر والرأي، وكان يستعين به عدد كبير من الشخصيات في أمورهم المالية والإدارية كمستشار، وكان معروفًا «رحمه الله» بحلّه للأمور المعقّدة.
كانت حياته «رحمه الله» مفعمة بالعمل العام والخاص، بدأ حياته بالمحاسبة؛ حيث كان تخصصه بدءًا من المستودعات، ثم الإدارة المالية إلى أن عمل ممثلًا لوزارة المالية في وزارة المواصلات، وتنقّل في عدة محطات إلى أن انتقل للعمل إلى فرع وزارة المالية والاقتصاد الوطني كمدير عام لها حتى تمت ترقيته إلى وكيل وزارة المالية المساعد، وممثل الوزارة بمنطقة مكة المكرمة. كما تقلّد منصب رئيس اللجنة المالية الدائمة في منظمة المؤتمر الإسلامي. وكان «رحمه الله» رئيس لجنة صندوق الدارين التابعة لأمانة مدينة جدة، ورئيس الهيئة الاستشارية للمجلس الفرعي لمجلس الجمعيات الأهلية بمنطقة مكة المكرمة.
كما كان له نشاط اجتماعي ملحوظ، وإسهامات كثيرة في العمل الخيري، حيث كان مؤسسًا لجمعية البر بجدة وعضوًا مؤسسًا لجمعية الملك عبدالعزيز للإسكان التنموي والخدمات الاجتماعية بمنطقة مكة، ورئيس مجلس إدارة اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم (تراحم) بمحافظة جدة وبمكة المكرمة، ورئيس مجلس إدارة جمعية إنجاب الصحية، وجمعية إبصار الخيرية، وعضو مجلس إدارة جمعية الإيمان الخيرية لرعاية مرضى السرطان بجدة، وأمين المال للجمعية، وعضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية بمكة المكرمة، وأمين الصندوق ورئيس لجنة تنمية الاستثمار، إلى غيرها من جمعيات ونشاطات خيرية.
الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الحمدان من الشخصيات العصامية، بدأ حياته من الصفر، كافح فيها وجاهد حتى أصبح يعرفه الكثير من أعماله وسيرته الطيبة. وهو كما ريادته في عالم المال والاقتصاد. كان رائدًا ومحبًّا للعمل الخيري، وفرّج كربة الكثيرين. كرّمته إمارة القصيم لريادته بالعمل الخيري باللقاء الدوري لأهالي محافظة عنيزة، والذي اشتمل على رصد سلسلة تكريماته لرواد العمل الاجتماعي، ومنها جاء جناح خاص للشيخ أحمد الحمدان.
إلا أن أكبر استثمار له كان بأبنائه، فهم خير خلف لخير سلف، جاهد بتعليمهم وتربيتهم، وله من الأبناء خالد وفيصل وطلال وعبدالعزيز وعبدالإله، ودانية.
رحم الله الشيخ أحمد الحمدان، وغفر له بإذنه، وأسكنه فسيح جنانه.