كتبت مقالات عديدة عن سعودة أو توطين الوظائف في الشركات الوطنية والأجنبية المتخصصة في مراجعة وتدقيق الحسابات، وذلك من منطلقات عديدة أهمها الحفاظ على الأمن الاقتصادي للمملكة والمسؤولية تجاه المواطن الذي يبحث عن عمل وحماية لأموال استثماراته في شركات السوق المالية. وذكرت في مقالي تهميش السعوديين من قبل القيادات الأجنبية العليا في تلك الشركات الأجنبية التي تراجع وتدقق حسابات الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية، وأيضا غير المدرجة منها. الحقيقة أن غالبية الشركات الأجنبية المتخصصة في مراجعة وتدقيق الحسابات تمارس مخالفات كثيرة، وتتواطأ مع بعض إدارات الشركات المدرجة في سوق المال السعودية لتضليل المستثمرين الكبار والصغار على حد سواء، وذلك بتقارير مالية غير شفافة ومسمومة لا تعكس حقيقة أدائها المالي.
وقد شهد قطاع الاتصالات في المملكة أكبر مشكلة مالية على مستوى المنطقة، وذلك بمساعدة شركة أجنبية تعمل في مجال مراجعة وتدقيق الحسابات. وأيضا شهد قطاع التشييد والبناء انكشاف مشكلة شركة سعودية مدرجة في سوق الأسهم، حيث ساهمت فيها نفس الشركة الأجنبية لتدقيق ومراجعة الحسابات بتضليل وتدليس القوائم المالية. وهي نفس الشركة التي تهمش توطين الوظائف بالسعوديين لأنهم سيكشفون للهيئات الحكومية المعنية ما تمارسه من مخالفات غير نظامية وغير أخلاقية. كما شهدت شركة متخصصة في مجال الطاقة في المملكة هروب أكبر ملاكها بأموال المساهمين خارج المملكة بعد أن ساهمت شركة المراجعة والتدقيق المحاسبي في التضليل والتدليس.
إن استحواذ الشركات الأجنبية العاملة في مجال المراجعة والتدقيق المحاسبي على عقود كبيرة طويلة الأجل مع شركات سعودية كبيرة يعد مشكلة مقلقة، خاصة أن بعضها فقد رخصة العمل في بلدانها إما لإفلاسها بسبب الأداء الإداري السيئ أو بسبب مخالفات قانونية وغير أخلاقية، كما حدث لشركة أرثراندرسون الأمريكية التي تواطأت مع شركة انرون الأمريكية لتضليل الحكومة والمستثمرين من خلال قوائم مالية مسمومة ومضللة.
وأرى أنه من الأهمية مراقبة عملية توظيف السعوديين في الشركات الأجنبية، وعلى وجه التحديد شركات مراجعة وتدقيق الحسابات، وذلك لحساسية عملها وارتباطه المباشر والوثيق بالشركات المدرجة في السوق المالية السعودية. إن مضايقة القياديين الأجانب للموظفين السعوديين في الشركات الأجنبية المتخصصة في مراجعة وتدقيق الحسابات تعني إجهاض سياسات الحكومة في توطين الوظائف، بل تعني أيضا عدم الشفافية والفساد والهيمنة على هذه المهنة من قبل بعض الجنسيات الوافدة. وإنني على ثقة تامة بأن وزارة التجارة والاستثمار وهيئة سوق المال حريصتان على سلامة القوائم المالية لشركاتنا. كما أنني متأكد أن وزارة الموارد البشرية حريصة على توطين الوظائف ذات المهنية العالية في الشركات الأجنبية لمراجعة وتدقيق الحسابات.
يتضح الهدف من «تهميش» و«تطفيش» المواطنين المؤهلين للعمل في الشركات الأجنبية المتخصصة في المراجعة والتدقيق المحاسبي، لذلك أناشد وزير التجارة والاستثمار ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتحقق من ممارسات ومخالفات بعض الشركات الأجنبية المتخصصة في المراجعة والتدقيق المحاسبي. كما أناشد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بمتابعة تطبيق سياسات الدولة في توطين الوظائف في الشركات الأجنبية بشكل عام والشركات الأجنبية المتخصصة في المراجعة والتدقيق المحاسبي بشكل خاص، فكلنا مؤتمنون على الأمن الاقتصادي للمملكة. كما أطالب بتطبيق حوكمة صارمة على جميع الشركات الأجنبية المتخصصة في مراجعة وتدقيق الحسابات بالمملكة لحماية أمننا الاقتصادي من مخالفاتها وتضليلها للحكومة والمستثمرين.
كلية الأعمال KBS
dr_abdulwahhab@