يمنح القطاع غير النفطي قوة دفع مهمة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي الإجمالي، وذلك ما ينبغي التوسع فيه بما يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي وتوازن العائد مع نظيره النفطي، بل كلما ارتفع مؤشر أداء القطاع غير النفطي كان ذلك محفزا أكثر للنمو وتطور القطاع النفطي الذي يمكن أن يتمدد في القيمة المضافة للاقتصاد من خلال صناعة المشتقات النفطية والبتروكيميائيات والكيميائيات التي تتقاطع مع الأنشطة غير النفطية بصورة كبيرة.
التنوع الاقتصادي يوفر طاقة أكبر للاقتصاد الكلي للنمو وبناء منظومات أعمال تثري الناتج المحلي وتجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات الأسواق الدولية وتلبية متطلباتها بمنتجات وخدمات وطنية متنوعة، وفي الواقع فإن ذلك التنوع غاية وطموح، سواء بحسب مستهدفات الرؤية الوطنية أو متطلبات المستقبل الاقتصادي الذي نمضي في اتجاهه بخطى واثقة وثابتة تحتاج لمثل هذا التوازن بين القطاعين النفطي وغير النفطي.
في آخر ميزانية معلنة للمملكة للربع الثاني من العام الجاري وصلت نسبة الإيرادات غير النفطية إلى 43% من إجمالي إيرادات الميزانية السعودية (البالغة 314.8 مليار ريال)، مقابل 32% من إيرادات الفترة نفسها للعام الماضي، وغير بعيد عن ذلك نسبة الإيرادات النفطية التي وصلت إلى 57% من إجمالي الإيرادات في الربع الثاني بعد أن بلغت نحو 179.7 مليار ريال، مقابل 250.4 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي بتراجع 28% لعوامل موضوعية تتعلق بالأسعار والتقلبات الاقتصادية على الصعيد الدولي.
تلك الإحصاءات تضعنا أمام حقائق جوهرية تتعلق بأهمية وضرورة الاستمرار في الموازنة بين القطاعين النفطي وغير النفطي؛ إذ إن المملكة تملك خيارات متعددة في النمو، وللقطاع غير النفطي دور مؤثر وفعّال ينبغي توظيفه بأمثل الصور خاصة أن إيراداته التي أصبحت في وضع يماثل نظيره النفطي أخذت تؤدي دورا بارزا في الموازنة والميزانية، وبمزيد من البرامج والمبادرات وتطوير الأداء الصناعي وغيره من القطاعات يمكن أن يرتفع مؤشر الأداء إلى مستويات أكثر إسهاما في الدخل، فلا تزال هناك كثير من القطاعات الواعدة التي يمكنها إحداث الفارق التنموي الداعم للنمو الكلي، ولا نزال نتمتع بتغطية كبيرة وقوية من محفزات الرؤية التي تفتح الأفق لكثير من الفرص الملهمة على المديَين القريب والبعيد.