من الموضوعات التي أصبحت موضع جدل في علاقات الدول بالعقود المتأخرة، قضية الهجرة غير الشرعية، وهذا ربما هو المسمى الإعلامي والقانوني إلى حد كبير. ويعني مفهوم الهجرة غير الشرعية فعل الدخول، أو الإقامة في بلد ما دون إذن، أو وثائق قانونية. ومن هذا التعريف يمكننا القول إن كل حالات دخول الأفراد إلى بلدان أجنبية وبقائهم بها بدون تأشيرة دخول صالحة، أو بدون جواز سفر، ووثائق مطلوبة يعتبرون مهاجرين غير شرعيين.
في السنوات الأخيرة غدت الهجرة غير الشرعية مادة للحوار، والجدل، والتباحث السياسي بين ثلاث جهات دولية هي على النحو التالي: أولا البلدان التي يأتي منها المهاجرون غير الشرعيين وللأسف هذه البلدان كثيرة، ولا تنحصر في بلد واحد، أو حتى إقليم، أو منطقة واحدة. فدول ما يُعرف بجنوب الصحراء الأفريقية مصر رئيس وخزان لا ينضب بهؤلاء المهاجرين، يزيد على هذه الدول العشرات، وربما المئات من رعايا دول أخرى في آسيا مثل الأفغان والهنود والسوريين والباكستانيين وغيرهم وسبب تزايد هذه الأعداد أنهم يهربون من جملة ظروف تختلف من بلد إلى آخر.
ثانيا هناك البلدان التي تكون مزدوجة الوظيفة في عملية الهجرة غير الشرعية وتتمثل بأنها أرض عبور، ومخزن للمئات من المهاجرين وهذه الدول أيضاً تعاني من هذه المشاكل المزدوجة ومن هذه الدول مصر وتونس والجزائر ولبنان وغيرها وهذه الدول تشكّل عملية الهجرة غير الشرعية منها حالة جُرمية معينة في نظر المنظومة الدولية، وفي وجهة نظر الجمعيات، والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان في العالم، حيث يقدم بعض رعايا هذه الدول على ما يسمى بالجرائم الدولية تحت مسمى الاتجار بالبشر. وهذه مشكلة، ومعطلة أخرى تناقش عبر اللقاءات والمؤتمرات الدولية الخاصة بشؤون الهجرة غير الشرعية. وثالثاً هناك الدول التي تستقبل، أو تكون وجهة المهاجرين وهي في الغالب الدول الأوروبية التي لا يزال البعض يعتقد أنها غنية وبلدان رفاه اقتصادي مقارنة ببلدانهم الفقيرة والمعدمة.
الحلول العامة والمعروفة لنا كمراقبين في هذه المعضلة الإنسانية الاقتصادية الثقافية تندرج في ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: البحث مع الدول المصدرة بما يوفر تنمية اقتصادية تحد من هجرة الناس، خاصة الشباب العاطلين عن العمل واليائسين من المستقبل.
الثاني: إقناع دول الممر أو العبور بأن تكون بوابة حراسة وتفتيش أو حتى استقرار للمهاجرين، المهم ألا يمكنوا من بلوغ الشواطئ الأوروبية.
الثالث: تحصين الحدود البحرية الأوروبية ومنع عبورها من جهة الجنوب بمعنى مَن أراد الهجرة ولم يمت على اليابسة فموت البحر مصيره الأكيد.