اخترت هذا العنوان لأكثر من سبب، ولعل السبب الأول أن العالم اليوم، وفي خضم الصراع الروسي الغربي بناء على ما يحدث في أوكرانيا منذ أكثر من عام يواجه أزمة غذاء قد تكون غير مسبوقة، وسبب هذا التوقع هو التنديد الغربي باستخدام القيادة الروسية للغذاء كسلاح يساوم به في ميادين السياسة، النقطة الثانية هي أن روسيا تحاول استمالة أعضاء في المنظومة الدولية بتعريبها بسلاح الغذاء، وفهم العالم ذلك من خلال تصريحات القيادة الروسية في القمة الروسية - الأفريقية التي عقدت في سان بيترسبيرغ الروسية شهر يوليو المنصرم. شعوب العالم تقف على بطونها اليوم، وكما يقال إن جيوش العالم أيضا تحارب، وتزحف على بطونها، هذه هي صيرورة الندرة والوفرة التي تخلق ثقافة وجدلية الإنسان في ثناياها. ولأنه وكما يقال ذكر الشيء بالشيء من الأمور الواردة دائما أتذكر فيلما شهيرا بعنوان الجوع هذا الفيلم من أجمل الأفلام التي أنتجتها السينما المصرية، الفيلم من إنتاج العام ١٩٨٦م ومثل فيه نجوم الصفين الأول، والثاني في ذلك الزمن مثل سعاد حسني، ومحمود عبد العزيز، وعبد العزيز مخيون، ونجوم آخرين. الفيلم جاء بتركيبة غريبة مزجت بين السلطة وأشكالها المتحولة في المجتمعات الإنسانية، وبين الوفرة التي ينبت عكسها الجوع وبين العدل الذي تتعدد صوره ويصبح هو البوابة الأولى لطموح الناس، واستقرارهم، وتفاؤلهم بالمستقبل، القصة أعني قصة الفيلم ثرية وهي للراحل نجيب محفوظ وتتمحور حول الحب، والعدل، والسلطة، والثروة والحب والنفوذ. هذا المزيج نجح المخرج وكاتب السيناريو في توزيعه على عدد من المشاهد المؤثرة، والمعبرة والتي يستحق كل منها، أو أغلبها أن تكون مشاهد رئيسة كما يقال في عالم السينما. الفتوة في الفيلم كان رمزا للسلطة في حياة الناس، والحارة كانت البيئة السياسية التي يمكن التعبير عنها مجازيا بالدولة، مواقف الناس من السلطة وتحركاتها، كانت عبارة عن الحراك الإنساني الذي يتفاعل مع الغنى، والفقر، والندرة، والوفرة. الحب كان موجودا كعنصر طبيعي يحتاجه الغني، وغير الغني، ومباهج الحياة كانت حاضرة بقصد بيانها بالسلطة ومتطلباتها في بعض الأحيان، وكثير من المشاعر، والمواقف الإنسانية كانت حاضرة. الفيلم مدته تقترب من الساعتين واستثمر الوقت الكبير من الفيلم في عرض القضية وتناقضات البشر حول مفاهيمها، وفي الدقائق الست الأخيرة جاءت الخلاصة التي تقول إن السلطة والحب والبحث عن العدل كوامن في نفوس الناس ولكنهم لا يكتشفونها في الغالب إلا في وقت متأخر، وهم لا يعرفون هل هو وقت الحب، أو الجوع، أو السياسة.