- في حياتنا مواقف لأشخاص لا ننساها أبدًا مهما طال الزمان، خاصة ما ترك منها أثرًا على حياتنا الشخصية، وهناك قصة حوَّلت حياة أحد الطلاب من شخصية خجولة تخاف من المواجهة، وترتعد من أي موقف غريب أو حتى جديد، إلى شخصية قوية تستطيع أن تواجه وتتحدث بطلاقة دون خوف أو خجل. بدأت هذه القصة مع المرشد الطلابي لأحد الطلاب في صفه الرابع بمدرسته الابتدائية، عندما لاحظ هذا المرشد أنه منعزل نسبيًّا عن زملائه، ولا يشاركهم في ألعابهم في الفسحة المدرسية، ولا حتى يظهر في الإذاعة المدرسية عندما يشارك فصله بها، ويظل يتهرب منها، وفي يوم وجده المرشد منعزلا في الفسحة المدرسية، وأخذ يتقرب له بعدة أسئلة لا تكاد تخرج لها إجابة مفهومة أو حتى مكتملة لخجله، مما دفعه للجلوس بجانبيه، وأخذ يحاوره، والطالب يستمع له وفي داخله رغبة شديدة في أن يسايره في الحديث، لكن واضح أن نفسه لا تقوى على ذلك؛ حيث انتهت الفسحة كأنها ثوانٍ طارت بسرعة البرق، لكن المرشد وعده بلقاءات عدة، وكان يشير له في هذه الدقائق لشخصيات كثيرة كانوا في بداية حياتهم خجولين ولا يجيدون مهارات التحدث، والإلقاء، لكنهم طوروا أنفسهم وأصبحوا قادة يشار لهم بالبنان.
- لكن الأهم أن تكون لديهم الرغبة في ذلك، واستمرت لقاءاته بالمرشد الطلابي عدة مرات، وفي كل مرة يتغير تفاعل الطالب للأفضل مع أسئلته ومواضيعه من المرات السابقة، وبعد شهر من هذه اللقاءات، ذكر له أنه وضع له ومجموعة من الطلاب يرى أنهم يعانون نفس هذه المعاناة برنامجا سماه برنامج تطوير مهارات الإلقاء والتحدث، وأنه يعتقد أنهم سيجتازونه بنجاح إذا تقيدوا به وسايروه فيما يطلبه منهم، وقد أشرك في البرنامج مجموعة من المعلمين، كل له دور مرسوم في هذا البرنامج، حيث بدأ بتكليف الطالب ببعض المهام من عدد من المعلمين لإيصال الكتب والأوراق لغرف المعلمين ومكاتب الإدارة، ورغم بساطة الأمر لكنه لطفل خجول في سن العاشرة كان همًّا كبيرا، فهل يستأذن عند الدخول، وهل يبدؤهم بالسلام، ومرة بعد أخرى، بدأ يلاحظ التغيرات التي بدأت تظهر على شخصية هذا الطالب، حيث زال الخوف تقريبا من الدخول على غرف المعلمين ومكاتب الإدارة، وكان للطف تعاملهم معه أثر كبير فيما تحقق من نجاح، وقد أبلغه بنجاحه في هذه المرحلة، وأنه سينتقل معه للمرحلة الثانية، وهي الخروج للإذاعة المدرسية الذي جاء خبرها كصاعقة كبيرة على الطالب، فكيف سيخرج أمام الطلاب، وكيف يتحدث أمامهم، لكنه سرعان ما أوضح له خطته، حيث طلب منه أن يقف مع المجموعة على خشبة المسرح دون أن يتحدث بشيء لعدة أيام ويردد النشيد مع مجموعة المنشدين في أيام أخرى، مما خفف عنه كثيرًا من الهم والضغوط، ورويدا رويدا حتى نطق في الإذاعة المدرسية بكلمات بسيطة لكن زال معها الكثير من الخوف، وخطوة خطوة بدأ يعشق الخروج في الإذاعة المدرسية، وزال معها خوفه وخجله، وقد ترك ذلك أثرا لا ينسى على شخصيته .
- وهذ الدور الهام الذي يقوم به المرشدون الطلابيون في المدارس في معالجة كثير من الظواهر السلوكية التي تؤثر على شخصيات الأبناء يترك أثرا مهما على شخصيات الطلاب، ويساعدهم في التغلب على مخاوفهم ويساعد الأسرة في تربية الأبناء على مواجهة متطلبات الحياة بكل ثقة وأمان.