- ما زال سؤال التحوُّلات الثقافية والاجتماعية في المملكة يأخذ حيِّزًا كبيرًا من تفكيري، وما زال يشكّل تحديًا لا يمكن إغفاله؛ لما له من تبعات ستؤثر حتمًا على شكل الدولة ومؤسساتها من جهة، وعلى مستقبل المجتمع وعلاقاته وشكل ثقافته أيضًا.
- سؤال التحوُّلات عندي بسيط، ويمكن صياغته بالشكل التالي: ما الأساس الذي تنهض عليه هذه التحوّلات وبه تحقق أهدافها، أو بصياغة أخرى: ما الرافعة التي تعتمد عليها التحولات في الوصول إلى أهدافها ؟
- هي كلمة واحدة نطق بها أكبر مسؤول في الدولة إلى أصغر واحد فيها، ألا وهي تمكين الشباب من فتيان وفتيات، فهم الرافعة التي لا غنى عنها للأخذ بيد المجتمع نفسه، ومؤسسات الدولة نفسها على طريق صناعة المستقبل، وهذه هي الغاية والأهداف التي تسعى لتحقيقها رؤية المملكة ٢٠٣٠.
- لكن لنتوقف قليلا عند تلك التحولات، ونقترب أكثر من تفاصيلها حتى نفهم السر في كلمة «تمكين الشباب»، والموقع الذي تحتله من هذه التحولات.
- التحوُّلات كلمة مبهمة وفضفاضة، وتحتمل دلالات عدة لحظة تلقيها كالارتحال من مكان إلى آخر، كالتغيُّر في الأساليب المتبعة في الحياة، كالتبدل في المواقف والعلاقات في الفضاء الاجتماعي والثقافي وهكذا دواليك.
لكن في سياق رؤية المملكة فإن أهم ما يميّز تحوّلاتها، إضافة إلى ما سبق من دلالات هو القدرة على التناغم والسرعة في التنفيذ، ماذا يعني ذلك؟
- يعني بالدرجة الأولى سريان فكرة التحوّل إلى المستقبل كقوة قادمة في مؤسسات الدولة (الوزارات الخدمية والثقافية والترفيهية والسيادية) بالدرجة ذاتها التي نراها قد انتشرت بين فئات المجتمع على اختلاف توجهاتها ومناطقها، وكأن الالتفات إلى المستقبل بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى هي القيمة الكبرى التي يتفق عليها الجميع (المجتمع والدولة) كعلامة على السعودية الجديدة.
- فما نراه – على سبيل المثال – من تطور لافت للنظر على مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، يواكبه في مستوى آخر تطور في الذهنيات الاجتماعية والثقافية التي تفصح عنها الأسماء السعودية الشابة التي حققت إنجازات علمية وطبية في المحافل الدولية، وهذا هو التناغم الذي نقصده، فالإحساس بأننا نمر بمرحلة تحوُّل وفق رؤية المملكة، وعليه لا ينبغي التوقف أو التراجع هو الوقود المحرك والسر الذي يجعل هذه التحوّلات لا تُقاس بالسنين، بل بالأيام والساعات، وأكثر ما يسري هذا الإحساس في دم الشباب والشابات.
- قد يتساءل البعض: ليس من الصحيح أن يتمايز مجتمع عن آخر، أو دولة عن أخرى بفكرة المستقبل حتى تكون هي العصا السحرية التي نُطلقها مجازًا على تحوُّلات المملكة، فكل المجتمعات والدول تسعى عن طريق المستقبل للنهوض!
- نوعًا ما مثل هذا الكلام يبدو صحيحًا من جهة. ولكن من جهة أخرى، الذين يدركون صعوبة العقود الثلاثة الماضية التي عاشتها المملكة، وكانت قواها الاجتماعية والثقافية والفكرية معطلة وخارج التاريخ، لأسباب الكل يعرفها، ولا داعي لذِكرها ها هنا، وأن قوتها الاقتصادية والسياسية لم تُستثمر بما يكفي لأخذ الموقع الطبيعي عالميا، سيعلمون تمامًا أنه من خلال هذه التحوُّلات استطاعت المملكة إعادة التاريخ إلى تاريخها، وجعلت أبناءها من خلال تاريخها ينظرون للمستقبل بعين بصيرة، وبيدين مفتوحتين للعالم.
-أما الذين لا يدركون مثل هذه الحقيقة فسيكون استنكارهم طبيعيًّا، ونابعًا من قلة خبرة ومعرفة بالمجتمع السعودي، وهذا بالانفتاح السياحي والكروي سيدركون طبيعة التحوُّل وظروفه، وكم من ردود الأفعال التي نشاهدها على مواقع التواصل الاجتماعي من حقيقة؛ كون أغلبية شعوب العالم أدركوا حقيقة الشعب السعودي وطبيعته المسالمة الطيبة بمجرد ما زاروا مدنها.
@MohammedAlHerz3